توالت الإدانات من جميع انحاء العالم، اليوم الثلاثاء، بعدما لقى عشرة صحفيين حتفهم ضمن عشرات القتلى فى سلسلة اعتداءات فى أفغانستان فى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "استهداف متعمد" للإعلام.
وأسفر تفجير انتحارى مزدوج فى كابول عن مقتل 25 شخصا بينهم رئيس قسم التصوير فى مكتب وكالة فرانس برس فى افغانستان شاه مراى وثمانية صحفيين آخرين فى حين قتل مراسل شبكة "بى بى سى" فى هجوم منفصل فى ولاية خوست الواقعة فى شرق البلاد.
وتنكر الانتحارى الثانى فى كابول كصحافى وفجر نفسه وسط الحشد، بحسب الشرطة، فى عملية وصفتها منظمة مراسلون بلا حدود بالهجوم الأكثر دموية الذى يستهدف الإعلام منذ سقوط نظام طالبان فى 2001، وكان بين القتلى صحفيون من "راديو فرى يوروب" وشبكتى "تولو نيوز" و"1تى فى" الأفغانيتين وغيرهم.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس عن "غضبه" جراء الاعتداءات التى تبناها تنظيم داعش وأدت إلى إصابة 49 شخصا آخر بجروح.
وقال جوتيرتيس إن "الاستهداف المتعمد للصحفيين فى الاعتداء يؤكد مجددا على المخاطر التى يواجهها الصحفيون المحترفون فى ممارسة أعمالهم الضرورية".
وفى اعتداء ثالث شهده اليوم الدامى الذى عاشته أفغانستان، قتل 11 طفلا وأصيب 16 شخصا بجروح بينهم جنود أفغان ورومانيون عندما فجر انتحارى سيارته بالقرب من قافلة لحلف شمال الأطلسى فى ولاية قندهار الجنوبية.
ورأى وزير الدفاع الأمريكى جيم ماتيس أن الهجمات التى تستهدف الصحفيين فى أفغانستان هى دليل على ضعف الجهاديين وتهدف إلى تقويض العملية الانتخابية المرتقبة فى أكتوبر. وقال "هذا هو الأمر الطبيعى بالنسبة لمن ليس بامكانهم الفوز عبر صناديق الاقتراع: هم يلجأون الى القنابل".
من جهته، دان وزير الخارجية الأميركى مايك بومبيو كذلك "الاعتداء العبثى والمجنون".
وأكد أن "المشهد الإعلامى الحيوى الذى تطور فى افغانستان سيستمر، على الأغلب بسبب هؤلاء الصحافيين والمحترفين فى مجال الإعلام الذين ماتوا بشكل مأساوى فى هجوم اليوم والذين ساهم عملهم الشجاع والثابت فى وضع أسس إعلام افغانستان المستقل المزدهر والقادر على الصمود".
وأكدت "بى بى سي" أن مراسلها أحمد شاه (29 عاما) الذى عمل لديها منذ أكثر من عام قتل بإطلاق مسلحين مجهولين النار عليه فى ولاية خوست مشيرة إلى أن الشرطة تحقق لمعرفة الدوافع.
وتأتى الاعتداءات بعد أيام من إطلاق عناصر طالبان عملياتهم المتزامنة مع دخول فصل الربيع فى رفض واضح لدعوات قبول عرض الحكومة الافغانية لهم بالدخول فى محادثات.
وصنفت منظمة مراسلون بلا حدود أفغانستان العام الماضى على أنها ثالث أخطر بلد فى العالم بالنسبة للصحفيين فيما حثت المجتمع الدولى الاثنين على حماية وسائل الإعلام من أى هجمات مستقبلية.
وقال رئيس المنظمة كريستوف ديلوار "حان الوقت لترسل الأمم المتحدة رسالة قوية إلى المجتمع الدولى والأطراف المحلية عبر تعيين ممثل خاص لحماية الصحفيين".
وحذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن استهداف المدنيين عمدا يعد "جريمة حرب" مضيفة فى بيان الثلاثاء أن "الصحفيين دفعوا منذ مدة طويلة ثمنا باهظا لتغطيتهم النزاع المسلح فى أفغانستان".
وأفادت أنها سجلت منذ العام 2016 مقتل 34 صحافيا فى أفغانستان ،وفى 2016، قُتِل سبعة موظفين من قناة "تولو" التلفزيونية المحلية فى تفجير انتحارى شنته حركة طالبان.
وفى نوفمبر العام الماضى، اقتحم مسلحون مقر قناة "شامشاد" التلفزيونية فى هجوم أسفر عن مقتل شخص. وفى تحد للمهاجمين، عادت المحطة للبث فى غضون ساعات حيث تحدث المذيع الذى ضمد يداه عن الاعتداء فيما أكد مديرها "لا يمكنهم اسكاتنا".
وانضم مراى إلى وكالة فرانس برس كسائق عام 1996، وهى السنة التى سيطرت فيها طالبان على السلطة. وبدأ يلتقط صورا على هامش ذلك لتغطية أحداث بينها الاجتياح الأمريكى فى 2001 ،وفى 2002، أصبح يعمل كمصور رسمى إلى أن تم تعيينه مدير قسم التصوير فى المكتب.
وخلال مسيرته المهنية، تعرض إلى الضرب والتهديد من قبل طالبان فيما فقد صديقة المقرب وزميله الصحافى فى مكتب فرانس برس فى كابول سردار أحمد عام 2014 عندما قُتِل الأخير مع زوجته واثنين من أطفاله فى اعتداء نفذته طالبان.
وترك مراى (41 عاما) وراءه ستة أولاد أصغرهم رضيعة عمرها بضعة أسابيع، ودُفن فى قريته فى سهل شومالي، شمال كابول، فى وقت لاحق الاثنين فى مراسم حضرها أقارب وأصدقاء وزملاء.
وقال رئيس مجلس ادارة وكالة فرانس برس فابريس فريس إن "هذه المأساة تذكرنا بالمخاطر التى تواجهها فرقنا دائما على الأرض وبالدور الأساسى الذى يلعبه الصحفيون من أجل الديمقراطية".