رفضت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، إحدى أفقر البلدان وأكثرها ضعفاً فى العالم، طلب موجه من الحكومة التركية لإغلاق المدارس القريبة من حركة فتح الله جولن، حيث تواجه الضغوط التى تمارسها الحكومة التركية بهذا الشأن مقاومة غير مألوفة بالدولة الأفريقية.
تقع مدرسة جالاكسى فى العاصمة بانجى وتعد مقربة من حركة "حزمت" التى يديرها الداعية جولن المقيم فى الولايات المتحدة ويؤكد مؤيدوه أنه يسعى إلى نشر الإسلام فى صيغة تقدمية معاصرة.
ونفذت وكالة الاستخبارات التركية عدة عمليات لا تزال طبيعتها غامضة "لإعادة مشتبه بهم" من الخارج وذهبت حتى كوسوفو وأوكرانيا والجابون حيث اعتقل ثلاثة أتراك يعملون فى مجال التعليم فى أبريل.
وخلال جولة فى المبنى، قال مدير المدرسة الذى اختار اسم "إمرى" لتجنيب عائلته فى تركيا أى أعمال انتقامية، إنه "فى 15 يوليو 2016 ذكرونى بالاسم على أننى أنتمى إلى حركة جولن". وأضاف "نحن متهمون بأننا جماعة إرهابية فى حين أن ما نفعله هو التعليم والعمل الانسانى"".
تفتخر المدرسة بتجهيزاتها الجديرة بمنشأة جيدة التمويل فى أوروبا - لوحة ذكية رقمية حديثة وجهاز عرض فيديو ، بالإضافة إلى فصل دراسى مخصص لتكنولوجيا المعلومات، عدا عن الملاعب والكافتيريا.
تبلغ كلفة الدراسة فى هذه المدرسة الخاصة حوالى 100 يورو (115 دولاراً) فى الشهر وتوفر الدراسة للصفوف العليا.
وهى تفخر بأن طلابها يجتازون امتحان المرحلة الثانوية بمعدلات تزيد عن 83 فى المائة مقارنة بمعدل وطنى من 12 فى المائة. لا يشغل المكون الإسلامى فى منهجها سوى حيز صغير للغاية، على الرغم من أن الطلاب يمكنهم طلب دروس إضافية فى الدين.
ونظراً إلى ضعف جمهورية أفريقيا الوسطى، يثير بقاء مدرسة جالاكسى الدهشة لا سيما وأن البلاد تسيطر عليها جماعات مسلحة وعصابات متناحرة منذ عام 2013 وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الأخيرة فى قائمة 188 دولة فى مؤشر التنمية البشرية لدى الأمم المتحدة لعام 2016.
كما تعانى مؤسسات الدولة فى جمهورية أفريقيا الوسطى من الضعف ولديها سمعة راسخة بأنها مكان يمكن فيه شراء أى شيء ولذلك احتلت المرتبة 156 من بين 180 دولة فى مؤشر إدراك الفساد لعام 2017 الخاص بمنظمة الشفافية الدولية.
ويقول أحد موظفى المدرسة أن "أهل أفريقيا الوسطى لا زالت لديهم عزة نفس"، كون الدولة لم ترضخ أمام الضغوط التركية.
وروى جان سيرج بوكاسا الوزير السابق لشؤون الأمن والحكم المحلى أن دبلوماسيين أتراكاً زاروه فى مارس 2017 ووجهوا إليه كلاماً "امتزج فيه الوعيد بالوعود" إذا ما وافق على مطالب أنقرة.
وقال وزير ثان إنه تم الاتصال به وعرضت عليه "هدايا" ورحلات إلى تركيا. وأضاف "قلت لهم: إذا أردتم مساعدتنا فابنوا لنا مدرسة جديدة بدلاً من إغلاق واحدة. قالوا لى إننى لن أندم أن وافقت" على طلبهم.
ويقول خبير مطلع على القضية أن بقاء المدرسة مرده "قبل كل شيء إلى أنه لا توجد سفارة تركية فى البلاد، مع القليل من الروابط الاقتصادية والدبلوماسية".
ويضيف "عدا عن ذلك، فإن إدارة المدرسة تربطها علاقات جيدة للغاية مع الحكومة - فنائبة المدير هى زوجة رئيس الوزراء - والمستوى الأكاديمى مرتفع للغاية".