يصر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على التعامل مع حلفاءه من منظور الصفقات التجارية التى أعتاد عليها كرجل أعمال مخضرم، وبات يسير السياسة الخارجية الأمريكية من منطلق "الدفع مقابل التعاون"، ولسنوات شكا الرئيس الأمريكى، من أن الدول التى تستضيف القوات الامريكية لا تدفع ما يكفى من التكلفة التى تتحملها الولايات المتحدة ، غير أنه بدأ بالفعل فى وضع خطته للحصول على المقابل، فبحسب تسريبات لوسائل إعلام أمريكية، فإنالإدارة الأمريكية تتطلع إلى خطة تسعى للحصول بموجبها على مزيد من الأموال من الدول الأوروبية والدول الأخرى الحليفة التى تتمركز بها قوات أمريكية.
ووفقا لعدد من المسئولين الأمريكيين، الذين تحدثوا لوكالة الأسوشيتدبرس، بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فإن البيت الأبيض طلب من وزارة الدفاع جمع بيانات عن تكاليف إبقاء القوات فى الدول الأخرى ومقدار مساهمة تلك الدول فى النفقات ، وشن الرئيس دونالد ترامب حملة عامة مطولة لجعل حلفاءه الأوروبيين فى حلف شمال الأطلسى "الناتو" يزيدون إنفاقهم 2% من ناتجهم المحلى الإجمالى فى ميزانية الدفاع. وخلال العامين الماضيين، زاد عدد من الحلفاء من إنفاقهم بالفعل. ويستضيف معظم حلفاء الناتو قوات أمريكية، لكن هناك قواعد أكبر ووجود أكبر فى دول مثل ألمانيا وإنجلترا واليابان وإيطاليا وبعض دول الشرق الأوسط.
وقال المسؤولون، إن هذا الجهد الأخير يتماشى مع هذه الخطوط، وأضافوا إن جمع البيانات يمكن استخدامها فى الاجتماعات والمناقشات اللاحقة للضغط على الحلفاء للمساعدة فى تعويض تكاليف وجود قوات أمريكية داخل حدودها ، كما أشاروا إلى أن الخطوة هى إحدى سبل دفع شركاء حلف الناتو، إلى زيادة سريعة فى الإنفاق الدفاعى، إذ أنه يشعر بالغضب مما يراه وتيرة بطيئة لتلبية الزيادات.
وبحسب شبكة بلومبرج، فإنه قد يُطلب من الدول التى تستضيف القوات الأمريكية، أن تدفع خمسة إلى ستة أضعاف المبلغ الذى تدفعه الآن وتأتى الخطة الجيدة بصيغة "Cost Plus 50".وقد دافع ترامب عن الفكرة طيلة أشهر، وأفضى إصراره عليها إلى توتر فى المحادثات الأخيرة مع كوريا الجنوبية، فبراير الماضى، بشأن وضع 28 ألف جندى أمريكى فى البلاد عندما أرسل مذكرة إلى مستشارالأمن القومى جون بولتون يقول فيها: "إننا نريد التكلفة زائد 50".
وطلبت واشنطن خلال المفاوضات بأن تدفع كوريا الجنوبية 50% زيادة عن مساهمتها فى عام 2018. ووقع مسؤولون البلدين اتفاقا يرفع مساهمة سول إلى 927 مليون دولار، فى زيادة حجمها نحو 70.3 مليون دولار. والاتفاق الجديد يمثل زيادة مساهمة الجانب الكورى بنحو 8%.. ومع ذلك أحرج القصر الرئاسى فى سيول، الرئيس الأمريكى، معلنا رفض تصريحاته بأمن كوريا الجنوبية وافقت على دفع 500 مليون دولار إضافية للإبقاء على القوات الأمريكية فى البلاد.
لكن هناك مصدر قلق آخر يمثله ذلك الطرح، إذ يرى خبراء ، أن واشنطن ستعزز الجدل الدائر داخل بعض الدول حول ما إذا كانوا يريدون حتى القوات الأمريكية، فدولا مثل ألمانيا واليابان لديها عدد من السكان الذين قاوموا لفترة طويلة الوجود الأمريكى.
وتدفع ألمانيا بالفعل نحو 28% من تكاليف القوات الأمريكية الموجودة هناك، أو مليار دولار سنوياً، لكن بموجب خطة ترامب، فيمكن أن سترتفع مدفوعاتها بشكل اكبر كثيرا كما هو الحال مع اليابان وكوريا الجنوبية.وتوقع ماكينزى إيجلن، خبير السياسة الدفاعية فى معهد أمريكان انتربرايز، إثارة مناقشات سياسية محلية بشأن هذه القواعد العسكرية.
وقال دوجلاس لوت، وهو سفير أمريكى سابق لدى حلف الناتو: "حتى إثارة هذا الأمر يغذى رواية مضللة بأن هذه القواعد موجودة لمصلحة تلك البلدان، فى حين أن الحقيقة هى أنهم موجودون ونحافظ عليها لأنهم فى مصلحتنا". ففضلا عن أن ألمانيا تمثل مقر القيادة الأمريكية الأفريقية، فإنها الولايات المتحدة تعمد على العديد من المنشأت الهامة فى البلاد لتوفير الدعم للجنود الأمريكيين فى العراق ومناطق الإضطرابات الأخرى.
وفى حين يقول منتقدو القواعد الأمريكية فى جميع أنحاء العالم إن القواعد مكلفة، وتثير التوترات مع الخصوم ولها عواقب غير مقصودة. فعلى سبيل المثال، يؤكد البنتاجون أن قواته البالغ قوامها 54 ألف جندى فى اليابان والوجود فى كوريا الجنوبية يسمح له باستعراض القوة وردع كوريا الشمالية والصين.