أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الأربعاء، أن الانتخابات المحلية التى جرت فى تركيا الأحد الماضي، أظهرت محدودية النزعة القومية التى يزعم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تبنيها.
واستهلت الصحيفة تقريرا لها فى هذا الشأن (نقلته على موقعها الالكتروني) بالقول إن أردوغان لجأ - قبيل بدء الانتخابات فى جميع أنحاء البلاد فى نهاية الأسبوع الماضى - إلى تكتيكاته المعتادة حيث صور بعض خصوم حزبه الحاكم كخائنين يعملون مع الإرهابيين، فضلا عن أنه عرض شريط الفيديو المروع للمجزرة التى استهدفت مسجدين فى نيوزيلندا مؤخرا، وارتدى عباءة الضحايا المسلمين، كما أثار النزعة القومية الغاضبة من مدينة إلى أخرى فى محاولة لتشتيت انتباه الناخبين المحبطين من الاقتصاد المتعثر فى البلاد.
وأضافت أن "أردوغان لم ينجح هذه المرة، حتى أن نتائج الانتخابات بدت وكأنها توبيخا له، فقد هُزم المرشحون الذين يمثلون حزب العدالة والتنمية فى المدن الكبرى فى جميع أنحاء تركيا، بما فى ذلك العاصمة أنقرة ومدن أزمير وأضنة وأنطاليا".
وفى إسطنبول، وهى أكبر مدن البلاد، تواترت أنباء بشأن نجاح أحد السياسيين التابعين لحزب الشعب الجمهورى المعارض فى تأمين أغلبية الأصوات، على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية نفى هذه الأنباء، فضلا عن تنامى مخاوف من ارتكاب أخطاء من جانب الحكومة.. ورغم أن مسؤولى حزب العدالة والتنمية يشيرون إلى أنهم وشركاؤهم فى التحالف فازوا بأكبر عدد من الأصوات فى جميع أنحاء البلاد، لذلك تستطيع الأيام المقبلة وحدها اختبار قدرة أردوغان على تحمل الهزيمة /على حد قول الصحيفة/.
وتابعت "واشنطن بوست" قائلة:" إن الخسارة فى اسطنبول ستكون ضربة قاسية بشكل خاص لأردوغان، الذى ارتقى إلى الصدارة الوطنية بصفته عمدة المدينة من عام 1994 إلى عام 1998، ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة مصدرا للثروة والهيبة واستعراض حب الشعب له ولحزبه - حتى أن المدينة شهدت تنفيذ مشروعات ضخمة وبناء مساجد متعددة فى عهده، وذلك من أجل ترسيخ رؤيته الأيديولوجية الأوسع".
واستطردت تقول "إنه فى خضم التراجع الاقتصادى الحاد الذى شهدته تركيا مؤخرا حتى فقدت العملة المحلية /الليرة/ ثلث قيمتها مقابل الدولار، لم يعد بإمكان أردوغان أن يعلق قبعته على شماعة الازدهار الذى تحقق خلال فترة سابقة من حكمه".
وتعليقا على ذلك، نقلت الصحيفة الأمريكية عن جونول تول، وهى باحثة تركية فى معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، قولها: "إن فقدان المدن التركية الكبرى حطم أيضًا صورة أردوغان كسياسى لا يقهر".. وأضافت:"أن الانتخابات وجهت ضربة قوية لشبكة العملاء التى بناها أردوغان على مدى السنوات الـ 25 الماضية، والتى ساعدته على تأمين ولاء نخبة رجال الأعمال ووضع مواردهم فى العمل لتعزيز سلطته".
كما اعتبرت "واشنطن بوست" أن هذه النتيجة المفجعة لأردوغان تضيف إلى مشاكله المتزايدة.. ففى الخارج، ينخرط أردوغان فى نزاع جديد مع الولايات المتحدة بشأن شراء تركيا لنظام دفاع صاروخى روسي، وفى الداخل، يواجه دعوات متزايدة لسن إصلاحات اقتصادية عميقة.
وفى هذا الشأن، يقول بيرك إسين، الأستاذ المساعد فى العلاقات الدولية بجامعة بيلكنت فى أنقرة، حول نتيجة الانتخابات: "إنها نتيجة رهيبة لأردوغان.. فهناك أزمة اقتصادية، وهناك أزمة دولية بسبب المواجهة المستمرة مع الولايات المتحدة، وفى الوقت ذاته، هناك هزيمة انتخابية تظهر لشركائه الدوليين وخصومه المحليين مدى ضعفه فى إدارة شئون البلاد".