فى مثل هذا اليوم 22 سبتمبر 1862م، قام الرئيس الأمريكى إبراهام لينكولن بإعلان تحرير العبيد فى الولايات المتحدة.
فبعد أن أدرك لينكولن، بأن سلطة الحكومة الفيدرالية فى مسألة إنهاء نظام العبودية مقيدة بالدستور الذى كان قبل عام 1865، يلزم كل ولاية باتخاذ قرارها الفردى بشأن نظام العبودية، ولكن لينكولن أثناء وقبل انتخابه ظل يناقش ويجادل بأنه إذا أرادوا إنهاء نظام العبودية تماماً يجب أن يمنعوا توسعه وتواجده فى المقاطعات الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية، ومع بداية الحرب حاول إقناع الولايات بقبول "سياسة تعويض العتق أو التحرير" بدلاً من "سياسة حظر العبودية"، وآمن لينكولن بأن تقليص العبودية بهذه الطرق سيخلصهم منها بطريقة اقتصادية وموافقة للدستور، كما تصوّر الآباء المؤسسون.
فى التاسع عشر من يونيو سنة 1862م أصدر الكونجرس حظرا للعبودية فى جميع الأراضى الاتحادية بعد أن أقر ذلك الرئيس لينكولن، وفى يوليو سنة 1862م، تم تمرير قرار المصادرة الثانى "Second Confiscation Act " والذى ينص على تحرير عبيد كل من يُدان بمساعدة المتمردين.
وعلى الرغم من معرفة لينكولن بأن الكونجرس لن يستطيع تحرير العبيد فى الولايات، إلا أنه وافق على مشروعية القانون احتراماً للهيئة التشريعية، ورأى أن إجراء كهذا ينبغى أن يقوم به القائد الأعلى للقوات المسلحة باستخدام القوات الحربية الممنوحة للرئيس بموجب الدستور، كان لينكولن يخطط لاتخاذ هذا الإجراء، وفى ذلك الشهر ناقش لينكولن مسودة إعلان تحرير العبيد مع حكومته وذكر فيها: ""كإجراء عسكرى ملائم و ضرورى فإن جميع الأشخاص المملوكين كعبيد فى الولايات الكونفدرالية أحراراً ابتداءً من 1 يناير 1863 وإلى الأبد".
كان لينكولن سراً قد قرر أن العبودية يجب أن تلغى تماماً من التحالف. لكن جماعة الرءوس النحاسية قالوا أن هذا التحرير يشكل حجر عثرة للسلام وإعادة التوحيد، وكان المحرر الجمهورى من صحيفة "منبر نيويورك" المؤثرة قد انطلت عليه الحيلة، والتى فنّدها لينكون فى خطابه الداهية فى 22 اغسطس 1862.
وقال الرئيس إن الهدف الرئيسى لتصرفاته كرئيس (وقد استخدم ضمير الشخص الأول ليشير بوضوح إلى "العمل الرسمي" له) هو الحفاظ على الاتحاد قائلاً: "هدفى الرئيسى من وراء هذا الصراع هو الحفاظ على الاتحاد وليس استمرار الرق أو إنهاءه، إن إستطعت أن أنقذ الإتحاد من دون تحرير العبيد سأفعل ذلك، وإذا كان بإمكانى حفظه عن طريق تحرير جميع العبيد سأفعل ذلك وإذا كان بإمكانى حفظه عن طريق تحرير بعض وترك الآخرين سأفعل ذلك أيضاً، ما أقوم به فيما يتعلق بالرق، والأعراق الملونة، أقوم به لأننى أعتقد أنه يساعد على إنقاذ الإتحاد، وما أمتنع عنه، أمتنع عنه لأننى لا أعتقد أنه سيساعد على إنقاذ الاتحاد ..... لقد ذكرت هنا هدفى وفقا لرؤيتى لواجبى الأساسي، ولا أعتزم تبديل رغبتى التى لطالما تبنيتها فى أن يكون كل رجل على وجه الأرض حر."
أعلن إعلان التحرير الذى صدر فى 22 سبتمبر من عام 1862، وبدأ تنفيذه فى 1 يناير من عام 1863، تحرير العبيد فى 10 ولايات لم تكن فى ذلك الوقت تحت سيطرة الإتحاد، إضافة إلى إعفاءات حُددت لمناطق تحت سيطرة الاتحاد مسبقًا فى ولايتين، قضى لينكولن المئة يوم التالية يجهز الجيش والأمة للتحرير، بينما رفع الديمقراطيين ناخبيهم فى الإنتخابات السنوية لعام 1862م من خلال التحذير من خطر العبيد المُحررين الذى يتعرض له البيض الشماليين.
وبمجرد أن أصبح إلغاء الرق فى الولايات المتمردة هدفًا عسكريًا، كما قدمت جيوش الإتحاد فى الجنوب، كان عدد أكبر من العبيد مُحرر إلى أن تم تحرير ثلاثة ملايين منهم فى الإقليم الكونفدرالي، وكان تعليق لينكولن على التوقيع على الإعلان: "لم أشعر فى حياتى أبدًا بيقين أن ما كنت أفعله صواب أكثر مما أفعل بتوقيع هذه الورقة"، وواصل لينكولن لبعض الوقت، "خُطط وضعها مسبقاً" لإقامة المستعمرات للعبيد المُحرّرين حديثًا، وعلق بشكل إيجابى على الاستعمار فى إعلان التحرير، ولكن فشلت كل المحاولات المماثلة لهذا الإجراء الضخم، وأعلن بعد التحرير بأيام قليلة أن 13 من الحكام الجمهوريين إجتمعوا فى مؤتمر حكام الحرب، وقد أيدوا إعلان الرئيس، ولكن إقترحوا صرف الجنرال جورج بى ماكليلان من الخدمة كقائد لجيش الاتحاد.
استخدام العبيد السابقين فى الجيش كان سياسة حكومية رسمية بعد صدور إعلان التحرير، وبحلول ربيع عام 1863م، كان لينكولن على استعداد لتجنيد الجنود السود فى أكثر من أعداد رمزية، وفى رسالة إلى أندرو جونسون، الحاكم العسكرى لولاية تينيسى، يشجعه على الريادة فى رفع عدد الجنود السود، كتب لينكولن: "النظرة المجرّدة لخمسين ألف من الجنود السود المسلحين والمدربين على ضفاف نهر المسيسيبى ستنهى التمرد فى آن واحد"، وبحلول نهاية عام 1863م، عند توجيه لينكولن، جند الجنرال لورنزو توماس 20 فوج من السود من وادى المسيسيبي.