مارى أنطوانيت ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر ووالدة الأمير الصغير لويس السابع عشر والأميرة ماريا تريزا، ولدت عام 1755 فى فيينا، ثم انتقلت إلى فرنسا لتتزوج، وهى أصغر أبناء الملكة ماريا تيريزا ملكة . تزوجت مارى أنطوانيت من الملك لويس السادس عشر وهى فى الرابعة عشر من عمرها وكان هو فى الخامسة عشرة من عمره.
كانت الملكة الصغيرة جميلة وذكية ومتهورة، وقد ملَّت الشكليات الرسمية لحياة البلاط، لذا اتجهت إلى الترويح عن نفسها بالملذّات، مثل: الحفلات الفاخرة والتمثيليات المسرحية وسباق الخيول والمقامرة. كان ينقص مارى التعليم الجيد، ولم تكن تعطى الأمور الجادة إلا القليل من الاهتمام، ولم تتردد فى عزل وزراء فرنسا الذين هددت جهودهم ملذاتها عن طريق خفض النفقات الملكية.
أصبحت مارى مكروهة جدًا، وقد تم تأنيبها على فساد البلاط الفرنسى، حيث كانت تسرف فى إغداق الأموال على محاسيب البلاط، ولم تعط أى اهتمام للأزمة المالية بفرنسا، وقد رويت القصص الكاذبة والسيئة عنها، إلى حد أن أثيرت الشائعات على أنها كانت جاسوسة لحساب النمسا، وأصابت المآسى مارى مرتين فى عام 1789م، حيث توفى ابنها الأكبر وبدأت الثورة الفرنسية، وقد فقد زوجها ـ الضعيف الإرادة ـ حكمه للبلاد تدريجيًا، ولكن مارى واجهت المخاطر بشجاعة، وحاولت أن تقوّى من إرادة الملك لويس، ولكنها زادت من غضب الشعب بسبب معارضتها العنيدة لل تغييرات الثورية.
وقام الملك ـ الذى كان يعمل بنصيحة مارى أنطوانيت ـ بحشد الجنود حول فرساى مرتين فى عام 1789م، ولكن أعقب المرتين العنف، وأصبحت السلطة الملكية أضعف، حيث أنه فى المرة الثانية ـ فى أوائل أكتوبر 1789م ـ اتجهت الجماهير الباريسية الجائعة البائسة فى مسيرة إلى فرساى وأجبرت العائلة الملكية على الانتقال إلى قصر تويلرى بباريس، ومنذ ذلك الحين أصبح لويس ومارى سجينين بالفعل.
كان بإمكانهما أن يكونا الحاكمين القادرين على لم شمل الأمة، من أجل دعم الملكية الدستورية، مثلما حدث فى إنجلترا، لكنهما لم يتبعا نصيحة رجال الدولة المعتدلين مثل الكونت "دى ميرابو"، بدلاً من ذلك، تآمرت مارى أنطوانيت للحصول على المساعدة العسكرية من حكام أوروبا خاصة من أخيها ليوبولد الثانى ملك النمسا، ورفضت أن تعطى أية امتيازات مطلقًا للثوار، وكانت مارى انطوانيت ذات شخصية كاريزمية وهى الحاكمة الفعلية للدولة لأن لويس السادس عشر كان ضعيف الشخصية متردد غير متوازن مما فسح المجال لمارى انطوانيت للتسيد وتكون صاحبة الكلمة العليا فى فرنسا قبل الثورة الفرنسية، لا هم لها سوى الترف والسلطة والفخر بقوميتها الألمانية وبأسرتها النمساوية الملكية.
كان الزواج بين لويس السادس عشر ومارى أنطوانيت هادئاً نسبياً على الرغم من أن كلاهما كانا مختلفاً تماماً من الناحية الجسمانية والمزاجية، فمن الناحية السياسية لم تنجح مارى أنطوانيت فى الحصول على مزايا خاصة من زوجها على الرغم من أن الإمبراطورة مارى تريزا والسفير مارسى كانا قد حثاها للحصول على عطف لويس السادس عشر بهدف التأثير فى السياسة الخارجية لصالح النمسا، وكانت مارى أنطوانيت تشعر أنه كان مسموح لها من أعلى للتفكير لكى تكون متفوقة على الملك الرجل الذى لم يكن يحبها وكان يحتقرها لسنوات كأمرأة رافضا إياها عاطفياً وجسدياً، فى إحدى المناسبات، بعد فترة وجيزة من تتويج لويس السادس عشر تجرأت مارى أنطوانيت لتعريف زوجها " بالرجل الفقير".
أقنعت مارى أنطوانيت لويس بالفرار من باريس فى 20 يونيو 1791م، وقد خرجت العائلة الملكية متنكرة فى عربة متجهة للحدود الشرقية لفرنسا، ولكن أحد الوطنيين المتيقظين تعرف على الملك من صورته المطبوعة على العملة الورقية، وتم إيقاف الملك والملكة فى فاران وأعيدا تحت الحراسة إلى باريس. وأدى هروب لويس ومارى إلى زيادة فقدان ثقة الشعب بهما، ولكن لويس وعد بأن يقبل دستورًا جديدًا أدى إلى الحد من سلطاته.
كانت مارى تعمل للحصول على المساعدة من الخارج، وحينما بدأت الحرب مع النمسا وبروسيا فى عام 1792م، اتهمت بافشاء أسرارًا عسكرية إلى الأعداء، وارتاب الشعب وأيقن أنها مذنبة بسبب تلك الخيانة. فى 10 أغسطس 1792م، أوقف الملك عن تولى أمور مُلكه بعد مظاهرات عنيفة وطالبت بخلعه وساقت به وبالعائلة وبولى العهد ابنه الطفل لويس السابع عشر إلى سجن "المعبد" وتولت جبهة "الكونفنسيون" محاكمته.
حكمت عليه بقطع الرأس ونفذ الحكم فى 21 يناير 1793 فى ساحة الكونكورد بينما أعدمت أنطوانيت فى 16 أكتوبر 1793 م، بعد أن اقتيدت بعربة مكشوفة دارت بها فى شوارع باريس حيث رماها الغوغائيين بالأوساخ وكل ما يقع تحت يدهم، وقصوا شعرها الطويل ثم وضعوا رأسها الصغير فى المكان المخصص فى المقصلة التى أطاحت برأسها. كان عمرها 38 سنة حين أعدمت وبقى ولى العهد الطفل وحيدًا فى السجن ثم مات بعد فترة متأثرًا بمرضه. بذلك انتهى عصر الملكية.