"ليس لك الحق فى القيام بذلك ، لا يمكنك إلقاء القبض على..أنا هنا فى مهمة سرية"، كانت هذه الكلمات التى كان يرددها الدكتاتور التشيلى أوجستو بينوشيه اثناء اعتقاله فى لندن فى 16 أكتوبر 1998، بعد صدور قرار بتسليمه إلى إسبانيا.
سافر الديكتاتور التشيلى إلى بريطانيا لإجراء فحوص طبية، وبينما كان هناك، تم اعتقاله بتفويض قضائى أصدره القاضى الإسبانى بلتاسار كارسون، وبقى قيد الإقامة الجبرية لأكثر من عام كامل، قبل أن يتم إطلاق سراحة لأسباب طبية، ثم عاد إلى تشيلى، وترك مقعده كسيناتور، بعد قرار من المحكمة العليا بأنه يعانى من خرف لا يمكن معه أن يتم محاكمته لأفعاله، ثم فى مايو 2004 حكمت محكمة تشيلى العليا بناء على تصرفاته بأنه قادر على الصمود فى المحاكمة، وبدأت محاكمته فى ديسمبر من العام نفسه لتهم تتعلق بحقوق الإنسان، حسبما قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية.
بدأ بينوشيه حكمه فى عام 1973 بانقلاب عسكرى، بينما كان يحكم تشيلى الرئيس المنتخب سلفادور الليندى ، والذى رفض الاستسلام ، ولكنه قُتل أثناء اقتحام جنود بينوشيه القصر الرئاسى.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير فى هذا الانقلاب، خاصة وأن سلفادور ألليندى كان يمثل خطرا كبيرا يهدد مصالحها ، ولأنه رئيس منتخب لم تستطع ان تشكك فى شرعيته كحاكم، ولذلك فقد اختارت بينوشيه قائد الجيش الذى استمر رئيسا لمدة 17 عاما، ووفقا للصحيفة الإسبانية.
ومع بدء محاكمته، تم العثور على حسابات له فى الولايات المتحدة وأوروبا بملايين الدولارات من الأموال التى نهبها من الشعب التشيلى.
رحل بينوشيه عن السلطة بعد صراع سياسى مرير، واضطرابات وسلسلة اغتيالات كانت تطول المعارضة التشيلية التى بدأت تحركاتها فى عام 1983 مع تنظيم الإضرابات التى أثارت ردود فعل عنيفة من قبل الحكومة التشيلية، فكان بينوشيه يستخدم جميع وسائل التعذيب الممكنة ، فقدمارس الدكتاتور التشيلى الإرهاب السياسى وطارد اليساريين فى كل أنحاء البلاد ، وقتل أكثر من 3000 تشيلى وعذب أكثر من 27.000 شخص.
وتم إجراء استفتاء حول اعتماد دستور جديد فى عام 1980، كانت من بين مقترحاته حظر جميع الأحزاب اليسارية إلى الأبد، كما أنه كان لصالح بينوشيه مرشح أوحد فى أى انتخابات، وتمت الموافقة عليه بتأييد أكثر من 67%، وتعرض للعديد من الانتقادات الشديدة بسبب شكوك البعض فى التلاعب بنتيجة الاستفتاء، ونجا بينوشيه من محاولة اغتيال فى عام 1986، ثم فى عام 1988 رفض الكونجرس اقرار دستور يتيح لبينوشيه الحكم طوال حياته ولذلك فضل التنازل عن الرئاسة ل باتريشيو أيلوين المنتخب ديمقراطيا فى عام 1989، ولكنه حافظ على منصبه كقائد للجيش حتى 1998 .
ولد بينوشيه فى والباريسو فى 25 نوفمبر 1915 ، ودخل المدرسة العسكرية فى 1933 ، وتزوج فى 1943 من لوتشيا هيريارت رودريجز، وأنجب منها 5 أطفال ، ثم عاد إلى الأكاديمية العسكرية ليواصل دراساته فيها، وانقطع عن هذه الدراسات فى 1948 عندما اتجه لإخماد حالات التمرد فى مناطق الفحم فى لوتا.
اتجه إلى التدريس في الأكاديمية العسكرية، وعمل كمساعد أستاذ فى أكاديمية الحرب، وكان اختصاصه التصانيف الجغرافية،وترك دراسته فى 1956 حيث ذهب فى مهمة عسكرية فى الاكوادور.