قال الناشط الإثيوبى البارز جوهر محمد، لرويترز اليوم الجمعة، بعد أيام من مظاهرات لمؤيديه سقط فيها عشرات القتلى إنه لا يستبعد منافسة حليفه السابق أبى أحمد على منصب رئيس الوزراء فى انتخابات تجرى العام المقبل.
وأسهمت قدرة جوهر على تنظيم احتجاجات الشوارع فى وصول أبى أحمد إلى السلطة العام الماضى وما تلاه من إطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة، وفاز أبى أحمد هذا الشهر بجائزة نوبل للسلام لإنجازاته فى مجال صنع السلام الإقليمي.
لكن الأسبوع الجارى شهد مظاهرات لمؤيدى جوهر ضد رئيس الحكومة بعد أن قال جوهر إن الشرطة طوقت منزله وحاولت سحب التصريح الأمنى الذى يحمله.
وفى وقت متأخر اليوم الجمعة قال كيفيو تيفيرا رئيس شرطة إقليم أوروميا لرويترز إن 67 شخصا قتلوا فى احتجاجات خلال يومين هذا الأسبوع فى الإقليم، وهو عدد أكبر بكثير مما ورد فى تقارير سابقة.
وقال إن 62 محتجا قتلوا بينما قتل خمسة من الشرطة. وأضاف أن 13 قتلوا بالرصاص وأن الباقين قتلوا نتيجة إصابات الرشق بالحجارة.
وكانت السلطات ومسؤولون طبيون قد قالوا أمس الخميس إن 16 شخصا لقوا حتفهم فى مظاهرات بالعاصمة ومدن أخرى كما سقط عشرات المصابين. ولا يعرف عدد من قتلوا فى أوروميا من بين الضحايا الستة عشر.
ويبرز العنف المعضلة التى تواجه أبى أحمد الذى يتعين عليه الاحتفاظ بشعبيته فى النظام الاتحادى القائم على الأعراق فى إثيوبيا على ألا يبدو منحازا لجماعة معينة، لكن صناع الملوك مثل قطب الإعلام جوهر يحاولون إظهار تأثيرهم الآن، وينتمى جوهر لجماعة الأورومو العرقية مثل أبى أحمد وهى أكبر الجماعات العرقية فى إثيوبيا.
وقال جوهر إن مؤيديه لم يعودوا يصدقون وعود أبى أحمد الإصلاحية، واتهمه بالمركزية فى الحكم وقمع المعارضة وسجن المعارضين السياسيين مثلما كان يفعل سابقوه.
وتقول منظمة العفو الدولية إنه منذ تولى أبى أحمد السلطة جرت عدة موجات من الاعتقالات الجماعية لأشخاص من عرقية الأورومو ممن تعتقد السلطات أنهم يعارضون الحكومة. وقال فيسيها تيكلى الباحث فى شؤون إثيوبا بمنظمة العفو الدولية إن المعتقلين لم توجه لهم اتهامات ولم يقدموا للمحاكمة.
وقال جوهر فى منزله ومكتبه المحاط بحراسة مشددة فى وسط العاصمة أديس ابابا "أغلبية الناس تعتقد أن العملية الانتقالية خرجت عن مسارها وأن هناك ردة إلى نظام استبدادي".
وأضاف "الحزب الحاكم وما يتبناه من نهج سيواجه تحديا خطيرا ليس فى الانتخابات فحسب بل قبل الانتخابات أيضا"، ولم ترد المتحدثة باسم رئيس الوزراء على اتصالات هاتفية للحصول على تعليق. ولم يعلق أبى أحمد على العنف الذى اندلع هذا الأسبوع.
وقالت وزارة الدفاع عصر اليوم الجمعة إن الجيش انتشر فى سبع مدن شهدت احتجاجات هذا الأسبوع. وقال الميجر جنرال محمد تيسيما فى مؤتمر صحفى فى أديس ابابا إن القوات انتشرت "لتهدئة الموقف بالتعاون مع الشيوخ وضباط الأمن فى الأقاليم".
* أحزاب عنيدة
تواجه الأحزاب الأربعة القائمة على العرق فى الائتلاف الذى حكم إثيوبيا منذ عام 1991 منافسة متزايدة من أحزاب جديدة تطالب بمزيد من السلطة والموارد لمناطقها.
وقال ميهارى تاديلى مارو وهو محلل سياسى فى أديس ابابا "بالنسبة لرئيس وزراء تعتمد شرعيته الشعبية على انفتاحه يمكن أن تمثل الاحتجاجات الأخيرة فى أوروميا انتحارا سياسيا".
وأضاف "إنها تشير إلى خسارة ذات شأن لقاعدة قوة شعبية دفعت به إلى السلطة"، وإذا جرت انتخابات العام المقبل بنزاهة كما وعد أبى أحمد فستكون اختبارا لمدى قدرة رئيس الوزراء الشاب على حشد بلاده المتصدعة التى يسكنها مئة مليون نسمة وراءه ومواصلة الانفتاح فى اقتصادها الذى تسيطر عليه الدولة أو أن تدفع عقود من قمع الدولة الإثيوبيين إلى أحضان المنافسة السياسية.
وقال جوهر إنه لم يقرر من الذى سيسانده فى انتخابات العام المقبل أو ما إذا كان سيخوض الانتخابات بنفسه. ورفض اليوم الجمعة تحديد اختيار معين قائلا لرويترز "لا أستبعد أى شيء".
وكانت تصريحاته أقوى انتقاد لأبى أحمد الذى ظهر معه كثيرا فى الصور العام الماضي. لكن هذا الخلاف بينهما جاء بعد تصريحات مبطنة أدلى بها أبى أحمد فى البرلمان يوم الثلاثاء.
قال رئيس الوزراء دون ذكر أى اسم "ملاك وسائل الإعلام الذين لا يحملون جوازات سفر إثيوبية يتلاعبون بالطرفين ... إذا كان هذا سيقوض سلام إثيوبيا ووجودها سنتخذ إجراءات" لمواجهته.
واعتبرت هذه التصريحات على نطاق واسع إشارة إلى جوهر المولود فى إثيوبيا لكنه يحمل جواز سفر أمريكيا وعاد من المنفى العام الماضي.
وقال المسجون السياسى السابق أبيل وابيلا والذى يرأس حاليا تحرير صحيفة أديس زيبى التى تصدر باللغة الأمهرية إن أبى أحمد لم يكن سببا فى الانقسامات العرقية فى إثيوبيا لكن يتعين عليه أن يواجهها.
وأضاف أن جوهر "يحاول جس النبض". ومضى يقول "النظام الاتحادى القائم على الأعراق يخلق وحوشا، إذا فشل أبى أحمد فى تفكيك الجماعات القوية القائمة على العرق ومعالجة المشاكل البنيوية التى تواجهنا كدولة سينتهى بنا الأمر إلى حرب أهلية".