تقود السيدة الفيتنامية "لو ثى بيتش نجوك" فريقًا من النساء المتخصصات فى إزالة الألغام إلى حقل بعيد للتخلص من القنابل غير المنفجرة، التى تعود إلى حرب فيتنام التى أودت بحياة عشرات الآلاف من سكان البلاد بمن فيهم عمها.
وقالت نجوك، فيما كانت تشرف على عملية تفجير منظمة لقنبلة عنقودية عثر عليها فى موقع مغلق فى مقاطعة جوانج ترى: "لقد مات عمى فى انفجار.. وقد بقيت ذكراه تطاردنى".
ولا يزال أكثر من 6.1 مليون هكتار من الأراضى فى فيتنام مليئة بالقنابل غير المنفجرة التى ألقتها القاذفات الأمريكية، خصوصاً بعد عقود من انتهاء الحرب فى عام 1975، وقد مات ما لا يقل عن 40 ألف فيتنامى فى حوادث مرتبطة بالألغام، وغالباً ما يكون الضحايا مزارعين يدوسون عن طريق الخطأ فوقها أو أشخاصاً يجمعون الخردة المعدنية أو أطفالاً يعتقدون أن هذه القنابل الصغيرة ألعاب.
وعلى مدار العقدين الماضيين، عملت نجوك فى إزالة الألغام لدى المجموعة الاستشارية للألغام "ماج" الممولة من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، واليوم، تجوب هذه المرأة البالغة من العمر 42 عاماً مقاطعة "جوانج ترى" لاستخراج ما يصل إلى عشرات الألغام غير المنفجرة يومياً، وهى ليست وحدها.
وقالت مزيلة الألغام "تران ثى هانه"، إن زوجها أصيب جراء انفجار لغم أرضى أثناء ذهابه إلى العمل، وهى لا تريد أن يحدث الأمر نفسه لأشخاص آخرين، مضيفة: "هذا ما يحفزنى للقيام بهذه المهمة"، وذلك وفقًا لما نقلته "العين الإخبارية" عن وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب".
100 سنة للتطهير
من جهتها، قالت هايدى كون مؤسسة منظمة "روتس فور بيس" غير الحكومية - التى ساعدت 3 آلاف شخص على زراعة الفلفل فى الحقول التى كانت مليئة بالألغام فى السابق - "إزالة الألغام وإعادة الزارعة وإعادة البناء.. نحن نعمل من أجل السلام"، فيما قال الجندى السابق "فان فان تاى" - المبتور الرجلين - إن الزراعة أعطته فرصة جديدة للحياة، وقد فقد ساقه فيما كان يقاتل لصالح النظام فى الجنوب، لكن بعد الحرب، فقد ساقه الأخرى عندما داس بالخطأ على قنبلة غير متفجرة أثناء البحث عن خردة معدنية فى مستودع أسلحة أمريكى سابق، وقد أصبح ذلك الانفجار محفورا فى ذاكرته.
وأوضح: "تراودنى كوابيس أرى فيها أجزاء من جسدى تنتشر جراء انفجار، وبعد ذلك أستيقظ لأجد نفسى ما زلت قطعة واحدة لكن بدون ساقين"، فيما لا يزال ما يصل إلى 3 ملايين قطعة من الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية مدفونة فى الأراضى الفيتنامية، وقال "تاى" إنه وجد فى ديسمبر قنبلة يدوية فى فناء منزله الخلفى.
وقد تستغرق عملية تطهير البلاد بكاملها من القنابل غير المتفجرة 100 عام وتكلف مليارات الدولارات، وفقاً للمسؤولين، لكن هذا الأمر لم يمنع "نجوك" من الاستمرار فى هذا العمل الخطير الذى يضطلع به الرجال عادة فى "جوانج ترى"، حيث عادة ما تكون النساء عاملات نسيج أو مزارعات، وقالت "نجوك": "هذه المهمة لا تتعلق بالمال، بل بتوفير مكان أفضل وضمان أرض أكثر أماناً".