نشرت صحيفة "تليجراف" البريطانية تسجيلات سرية لمضمون اتصالات لاسلكية لعناصر ميليشيات ومرتزقة كانت تابعة للجنرال الإيراني قاسم سليماني، وذلك على جبهة محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية.
وكشفت التسجيلات التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية ونشرت ملخصها الأحد، كيف يوجه الإيرانيون مرتزقتهم من الأفغان في العمليات العسكرية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، في معركة توعدوا بأن لا ينخرطوا فيها خلال محادثات أجريت بين الأطراف المنخرطين في القتال، خاصة تركيا.
ولفيلق القدس الذي كان يقوده سليماني قبل مقتله في غارة أمريكية في الثالث من يناير في العراق، دور في ترجيح كفة الرئيس السوري بشار الأسد بعدما تدهورت أحوال جيشه أمام المعارضة المسلحة. فيما قدمت طهران سابقا ضمانات لتركيا بعدم إرسالها مقاتلين إلى إدلب القريبة من الحدود التركية.
وتعتبر إدلب التي يعيش فيها نحو 3.5 مليون شخص في ظروف صعبة، آخر معاقل الثورة السورية، وتقع تحت سيطرة مجموعات معارضة وأخرى متشددة أهمها هيئة تحرير الشام، فيما تتعرض المدينة لقصف جوي يومي من جانب روسيا وتركيا، بالإضافة إلى هجمات تشنها قوات برية.
وقال قائد لواء فاطميون -وهي ميليشيا أفغانية شيعية تقاتل تحت لواء فيلق القدس الإيراني- خلال الأسبوع الماضي، إن سليماني أعطاهم تعليمات بخصوص استراتيجيتهم خلال السنوات الخمس القادمة، بحيث لا يتسبب مقتله في أي اضطرابات.
ويشير هذا التصريح إلى أن الميليشيات في محافظة إدلب تعمل حاليا بحسب خطط سليماني، كما تقول "تليجراف" البريطانية.
وكانت الصحيفة البريطانية قد حصلت على التسجيلات النادرة من مجموعة "MMC" الذين حصلوا عليها من مراقبين على الأرض استطاعوا التقاط موجات البث الخاصة بالميليشيات.
وكانت معظم الاتصالات التي حصلت عليها تليغراف قد أجريت بين شهري سبتمبر ونوفمبر، إلا أن بعضها قد تم مؤخرا خلال الأسبوع الماضي.
وقد تم تحديد مواقع البث من قاعدة مؤقتة في مدينة التمانعة في منطقة معرة النعمان، التي تبعد أميالا عن قواعد هذه الميليشيات المعروفة في حلب وحمص.
وفي أحد التسجيلات، يسمع صوت مقاتل أفغاني يتحدث الفارسية مستخدما رموز حيوانات في إشارة إلى الأهداف، يقول "هيا بنا معا نحو مواقعهم هذه الليلة، لرؤية ما إذا كان عصفور أو ثعلب".
وقال أحدهم، "لا يستطيعون الدفاع عنها، حتى بكتيبة كاملة.. سنذهب سرا وسنضرب ونأخذها، الأمر لن يكون صعبا".
وقدر بعض قادة الميليشيات السورية المعارضة لتليغراف، عدد المقاتلين التابعين لإيران في هذه المنطقة بحوالي 400 مقاتل، فيما يقول آخرون إن الرقم أعلى وقد يصل إلى 800.
أبو حمزة كيرنازي، قائد لميليشيا موالية لتركية تدعى "جبهة الوطنية للتحرير" قال لتليغراف، إن "الميليشيات الإيرانية تبدو أنها تخفي وجودها في إدلب عن عمد، لكن في الحقيقة إنهم هناك"
وأضاف كيرنازي "لديهم أسلحة ثقيلة، ولقد استخدموا المدفعية وقاذفات الصواريخ ضدنا في التمانعة ومناطق أخرى".
وقال ممثل للمعارضة السوريا كان حاضرا خلال مباحثات السلام في كل من العاصمة الكازاخية أستانا، وفي سوتشي بروسيا، إن إيران طمأنت تركيا بأنه ليس لديها مصلحة في القتال في إدلب، وكانت حريصة على عدم المجازفة بعلاقتها مع أنقرة.
وأوضح كيرنازي أن الميليشيات الإيرانية لا تنخرط فقط في القتال، وإنما توفر المساعدة العسكرية والتدريبات للمقاتلين السوريين التابعين للنظام. مضيفا أنهم "يأتون بوعاظ شيعة من لبنان وإيران لإعطاء معوظات دينية للمقاتلين على الجبهات."
يذكر أن تركيا أصبحت شريكا تجاريا مهما بالنسبة لإيران التي تعاني جراء العقوبات، على الرغم من الخلاف السياسي والعسكري في ملف الصراع السوري.