قبل 41 عاما فى 1 فبراير 1979، التقطت عدسات الكاميرات التى كانت فى انتظاره فى مطار طهران، عودة آية الله الخمينى مؤسس الجهورية فى إيران، مجددا إلى البلاد، بعد 14 عاما قضاها في المنفى بين تركيا والعراق وفرنسا، ويظهر وهو يترجل من سلم الطائرة الفرنسية ممسك بيد قائد قمرتها، ويظهر مرافقه أعلى السلم يخرج واحدا تلو الأخر، فى مشهد غير تاريخ هذا البلد، وأنهى حقبة، وبدأت أخرى، تغيرت فيها إيران من النقيض إلى النقيض، وتغيرت التوازن فى المنطقة.
كان سبب نفى الخمينى عام 1963 هو إلقاء خطبة انتقد فيها الشاه، لكن تزامنت عودته إطاحة الجماهير الإيرانية بالشاه محمد رضا بهلوى، الذى لم يتمكن من الصمود أمام الاضطرابات فى العديد من المدن، وبدا واضحاً في ذلك الوقت، أن الدول الكبرى في الغرب، تخلّت عن الشاه بعدما فقدت حكومته السيطرة على البلاد التي شهدت خلال الفترة 1977 – 1979 الإضطرابات والعصيان المدني في المدن والانتفاضة المتواصلة لطلاب الجامعات.
وغادر الشاه إيران فى 16 يناير 1979، برفقة زوجته الإمبراطورة فرح ديبا وأبناءه وعدد قليل من خدمه لقضاء عطلة فى الخارج وفقا لما قالته الإذاعة الإيرانية فى هذا الوقت، لكن الشاه البالغ من العمر 59 عاما لم يعد أبدا إيران إيران، وعقب عودة الخمينى سقطت الملكية بعد 10 أيام فى 11 فبراير1979.
ولكن لم تكن رحلة عودة الخمينى يسيرة، بعد أن قال مرافقوه له أن هناك معلومات تفيد أن سلاح الجو الإيراني، الذي كان ما زال مواليا للشاه، يخطط لإسقاط الطائرة فور دخولها المجال الجوي الإيرانى، يقول أبو الحسن بني صدر أول رئيس منتخب لإيران والذى يعيش اليوم في المنفى في فرنسا "كثيرون لم يستقلوا الطائرة، لأنهم كانوا خائفين، أما أولئك الذين صعدوا إلى الطائرة، فكانوا قلقين أو خائفين، في حين لم يظهر القلق، على دائرة المقربين من الخميني".
رافق الخمينى على متن رحلة مجهولة المصير، عددا من الصحفيين إضافة إلى أصدقائه ومقربيه فى فرنسا بينهم أعضاء قيادة مجلس الثورة أبرزهم صادق قطب زاده وابراهيم يزدي فضلا عن مرتضى مطهرى ونجل الخمينى وصادق قطب زادة اول وزير خارجية ومترجم الخمينى الشخصي.
وكان فى استقباله المناصرين الذين احتشدوا فى المطار وعلى الطريق المؤدية إلى مقبرة «جنة الزهراء» (بهشت زهرا بالفارسية) فى جنوب طهران، حيث ألقى أول خطاب له بعد عودت، وفى كلمته قال الخمينى إن حكومة شهبور بختيار، القومى المعارض الذى عيّنه الشاه عشية مغادرته إلى المنفى لقطع الطريق على المتشدّدين الإسلاميين، غير شرعية.
وأحيلت شخصيات بارزة فى حكومة الشاه إلى المحكمة الثورية، وخلال العام الأول جرى تنفيذ ما يقرب من 750 حكما بالإعدام، وأول من نفذ فيهم حكم الاعدام رئيس جهاز الشرطة السرية سافاك ورئيس الوزراء فى حكومة أمير عباس هويدا، وأصبح الخمينى الزعيم الأعلى للبلاد، وهو أعلى سلطة سياسية ودينية فى إيران حتى وفاته 1989.