كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم الثلاثاء، أن كلًا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لديهما نقاط ضعف فى أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بهما والتى يمكن أن تؤدى إلى أزمة حادة إذا واجه البلدان نوعًا من تفشى فيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19) بشكل حاد مماثل لإيطاليا، وأظهر تحليل أجرته الصحيفة (ونشرته على موقعها الإلكتروني) أن كلا البلدين لديه عدد أقل من أسرة المستشفيات للفرد مقارنة بمعظم الدول الغربية الأخرى، وفى حين أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لديها حوالى سريرين لكل ألف شخص، فإن ألمانيا، بالمقارنة، لديها 6 أسرّة، بينما اليابان لديها 7.8، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وأضافت الصحيفة: "الولايات المتحدة تتأخر أيضًا فى عدد الأطباء مقارنة بنسبة السكان، بمعدل 2.6 طبيب لكل ألف شخص. ويقارن ذلك بـ 4.3 فى ألمانيا و4 فى إيطاليا، حيث اضطرت المستشفيات إلى إقامة خيام قابلة للنفخ داخل بنياتها التى اكتظت ممراتها بالمرضى".
من جهتها، قالت جيسيكا بيل، التى تساعد فى تجميع مؤشر عالمى للأمن الصحى لدى منظمة "مبادرة التهديد النووي"، وهى منظمة غير ربحية:" إن الولايات المتحدة لديها قدرات تشخيصية ممتازة فى المجال الطبي، ولكن ما ينقصها حقًا هو الوصول إلى الرعاية الصحية، وخاصة للعاملين فى الرعاية الصحية أنفسهم".
واستشهدت الصحيفة على طرحها فى هذا الشأن بذكر أن عمال الرعاية الصحية داخل الولايات المتحدة بدأوا فى دق ناقوس الخطر. فالمستشفيات فى الولايات المتحدة ممتلئة بالفعل بسبب موسم الإنفلونزا، فضلًا عن تفاقم مشاكل القدرات الاستيعابية للمستشفيات بسبب كثرة الإصابات بكورونا.
فيما قال ديفيد برات، ممثل الصحة والسلامة فى جمعية الممرضات بولاية نيويورك: "تنامى إلى علمنا أن الممرضات يضطرون للقتال من أجل الحصول على أجهزة التنفس التى يحتاجونها - على الرغم من أن القلق الأكبر يكمن فيما سيحدث عندما يُصاب هؤلاء الممرضون بالفيروس".
وتابعت "فاينانشيال تايمز" تقول:" إن اليابان وألمانيا وإيطاليا ربما يمتلكون قدرات أكبر فى أنظمة الرعاية الصحية، ولكن لديها أيضًا أكبر عدد من السكان فى العالم. وهذا يضعهم فى وضع ضعيف بشكل فريد، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الـ 70 عامًا هم الأكثر عرضة للمعاناة من مضاعفات شديدة من فيروس كورونا. وحقيقة الأمر أن حوالى 28% من سكان اليابان يتجاوزون الـ 65 سنة، وكذلك 22 فى المائة من سكان ألمانيا.
ويقول خبراء إن أحد مجالات القلق الرئيسية فى الولايات المتحدة هو التغطية التأمينية غير المنتظمة. حيث لم يكن لدى ما يقرب من 18 مليون أمريكى تأمين فى عام 2018، وفقا لمؤسسة "كايزر فاميلي" الأمريكية، فيما قد يعانى العديد من أولئك الذين لديهم تغطية ويضطرون لدفع نسبة مساهماتهم الخاصة من تكاليف باهظة الثمن لتوفير العلاجات الخاصة بالمرض.
مع ذلك، وافقت شركات التأمين الأمريكية على تغطية تكاليف إجراء الاختبارات المعملية، ولكن لا يزال من الممكن أن يُكلف الشخص غير المؤمن عليه آلاف الدولارات يوميًا إذا تم نقله إلى المستشفى بسبب المرض الجديد.
فى السياق ذاته، أظهر تحليل الفاينانشيال تايمز أيضًا الدول الأكثر عرضة للمعاناة الاقتصادية التى ربما تنجم عن تفشى الفيروس. حيث قال المجلس العالمى للسفر والسياحة يوم الجمعة الماضية إن ما يصل إلى 50 مليون وظيفة فى القطاع أصبحت الآن معرضة للخطر مع إغلاق الحدود وتقييد الحكومات حرية الحركة.
بدوره، قال نيكولا نوبيل، الاقتصادى فى مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس": "إن الخدمات، لا سيما تلك المتعلقة بالسياحة والاستهلاك غير الأساسي، ستعانى من تداعيات وخيمة وهائلة".
والولايات المتحدة، بفضل اقتصادها المتنوع، تعد أقل اعتمادًا على السياحة من العديد من البلدان الغنية الأخرى، حيث تسهم السياحة فى الولايات المتحدة حوالى 8% فقط فى الناتج المحلى الإجمالي.
لكن فى إيطاليا، وفقا للصحيفة، فإن السياحة تُسهم بـ 13% من الناتج المحلى الإجمالي، وهى ثانى أعلى نسبة فى مجموعة العشرين بعد المكسيك. وتايلاند التى أصبحت عرضة بشدة لانهيار اقتصادى نتيجة تراجع أعداد الزائرين، حيث يعتمد ما يقرب من ربع اقتصادها على قطاع السفر والسياحة، وفيها انخفض عدد الوافدين إلى البلاد بأكثر من النصف فى فبراير الماضى مقارنة بالعام الماضي، وفقًا للبيانات الصادرة عن الرابطة التايلاندية لوكلاء السفر.