تتحدث دراسات علمية جديدة عن وجود علاقة محتملة بين لقاح السل "بي سي جي" وتفاوت نسبة انتشار فيروس كورونا بين الدول التي اعتمدت اللقاح منذ أمد بعيد وتلك التي ليس لديها برامج للتطعيم بهذا اللقاح حيث تأثرت هذه الأخيرة بشدة بالفيروس.
وأظهرت بيانات جمعت على مدى 15 يوماً من الوباء الحالي نشرت في مجلات علمية كبرى أن معدل الإصابة بفيروس كورونا سجل نحو 38.4 إصابة بكل مليون في البلدان التي لديها تطعيم "بي سي جي" مقارنة بـ 358.4 إصابة بكل مليون في البلدان التي لا يوجد لديها هذا البرنامج كما بلغ معدل الوفيات 4.28 وفاة بكل مليون في البلدان التي لديها برامج "بي سي جي" مقارنة بـ 40 وفاة بكل مليون في البلدان التي ليس لديها مثل هذا البرنامج.
ووفقا لوكالة الأنباء السورية "سانا" يقول الدكتور مجد الجمالي أستاذ التقانة الحيوية في كلية الصيدلة بجامعة دمشق ومدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي، إن دراسة وبائية مشتركة أجرتها جامعات صينية وأمريكية مرموقة نشرت في الرابع والعشرين من شهر مارس الماضي أكدت وجود علاقة ارتباط واضحة في انخفاض نسبة الإصابة والانتشار والوفيات بفيروس كورونا المستجد بين الدول التي تستخدم لقاح السل في برنامج التلقيح الوطني وتلك التي لا تستخدمه حيث ارتفعت معدلات الإصابة والانتشار والوفيات في الدول التي لا تدرج لقاح السل في برامج التلقيح لديها.
كما بينت الدراسة نفسها وفق ما قال الدكتور الجمالي، أن زمن البدء في إدراج لقاح السل في العديد من الدول ارتبط إيجاباً مع انخفاض نسبة الوفيات فيها آخذين بعين الاعتبار أن الوفيات أعلى بشكل واضح لدى كبار السن وبالتالي كلما تأخرت الدول بإدراج لقاح السل فيها زادت نسبة الوفيات ربما لأن كبار السن فيها ممن تتجاوزت أعمارهم السبعين سنة لم يأخذوا اللقاح في تلك الدول بسبب التأخر بالبدء به.
وأكد الدكتور الجمالي أن الباحثين وجدوا أن اللقاح بجرثومة السل يفعل بشكل كبير جملة المناعة الطبيعية عند الإنسان ما يكسب الخلايا المناعية نوعاً من الذاكرة يفيد في مقارعة العديد من الفيروسات والجراثيم الأخرى غير جرثومة السل ومن ضمنها “ربما” فيروس كورونا المستجد.
بدوه قال رئيس مركز مكافحة السل والأمراض التنفسية في مديرية صحة حماة اختصاصي الأمراض الصدرية الدكتور باسل الضاهر إن عدداً من الدراسات العالمية التي أجريت حول فيروس كورونا المستجد لحظت انخفاض مستوى معدلات الإصابة به وانتشاره في دول العالم التي طبقت نظام تلقيح “بي سي جي” مقارنة مع الدول التي لم تضع هذا اللقاح في برامج التلقيح لديها.
واشار الدكتور الضاهر في تصريح إلى أن هذه الدراسات تتفق إلى حد كبير مع الدراسات التي أثبتت أن مخاطر الإصابة بفيروس كورونا تكون مرتفعة لدى الأشخاص من كبار السن “ربما” لكونهم لم يأخذوا هذا اللقاح بينما تقل في الفئات العمرية من الأطفال والشباب لجهة حجم الإصابة والتعافي بسبب اختلاف درجة المناعة بين هذه الفئات العمرية ولجهة زمن إدراج لقاح السل في برامج التلقيح لدى بعض الدول.
ويعطى لقاح السل في الأسبوع الأول من عمر الوليد بهدف الوقاية من الإصابة بأنواع خطيرة من مرض السل وزيادة المناعة وفق الدكتور الضاهر لافتاً إلى دوره في بعض التدابير العلاجية لرفع المناعة لدى الأشخاص المصابين ببعض الأمراض المزمنة منها أورام المثانة حيث يسهم في قتل الخلايا الورمية وتقوية المناعة.
وأكد الدكتور الضاهر أن فيروس كورونا من الفيروسات المستجدة وتستمر الدراسات حوله ولا يمكن اعتماد أي دراسة بشكل قطعي إلا بعد انتهاء الجائحة لذلك من الأهمية مواصلة الدراسات بشكل أوسع حول مدى تأثير أخذ لقاح السل في الوقاية من الإصابة به معتبراً أنها لن تكون مناعة نوعية موجهة ضد فيروس كورونا تحديداً ولكن تعود فائدة هذا اللقاح للنمط المناعي الذي يقدمه ويسمى طبياً بالمناعة المتصالبة إضافة إلى نوعية الخلايا اللمفاوية التي يحرضها اللقاح لإنتاج الوسائط المضادة المختلفة.
ولفت الدكتور الضاهر إلى أهمية مواصلة الدراسات الموضوعية وإحصاء عدد الأشخاص الذين تلقوا هذا اللقاح وأصيبوا بالفيروس المستجد موضحاً في الوقت نفسه أن تقديم لقاح السل للمرضى المصابين بفيروس كورونا لم يعتمد في أي بروتوكول علاجي حتى الآن.