كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن تحالف "أوبك بلس"، الذى يضم أعضاء المنظمة النفطية وغيرها من المنتجين الآخرين، توصل مساء اليوم الأحد، إلى اتفاق بشأن خفض إنتاج الخام بدءًا من شهر مايو المقبل، ليكون أكبر خفض فى تاريخ إنتاج المعدن الأسود على الإطلاق.
وذكرت"بلومبرج" - فى تعليق أوردته على موقعها الإلكترونى مساء اليوم - أن الاتفاق يقضى بتخفيض أعضاء "أوبك +" إنتاجهم بواقع 9.7 مليون برميل يوميًا، أى ما يقل بصورة طفيفة عن الاقتراح الأولى البالغ 10 ملايين برميل، كما ستساهم كلا من الولايات المتحدة والبرازيل وكندا بإقرار خفض إضافى بمقدار 3.7 مليون برميل أخرى.
وأضافت أن مسئولى "أوبك" ما زالوا ينتظرون سماع المزيد من أعضاء مجموعة العشرين - على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأرقام ستمثل تخفيضات حقيقية أم خفض مؤقت تفرضه معطيات السوق.
وتابعت أنه بموجب الاتفاق أيضًا ستخفض المملكة العربية السعودية إنتاجها بما يقل طفيفًا عن مستوى 8.5 مليون برميل يوميًا، مسجلة أدنى مستوى لها منذ عام 2011، ولفتت إلى أن معايير الخفض الموضوعة للإنتاج السعودى كما هو الحال لنظيره الروسى تستند إلى مستويات ما قبل أبريل الجارى البالغة ١١ مليون برميل يوميًا.
وأشارت إلى أنه من المقرر أن يستمر خفض الإنتاج لمدة عامين تقريبًا، ولكن ليس على نفس مستوى شهرى مايو ويونيو المقبلين، موضحة أن منتجى النفط سيعمدون إلى تقليص حجم التخفيضات تدريجيا مع مرور الوقت؛ أى سيتم تقليص 10 ملايين برميل إلى 7.6 مليون برميل يوميًا مع انقضاء شهر يونيو حتى نهاية العام، ثم إلى 5.6 مليون حتى 2021 و2022.
من جانبه، أعرب وزير الطاقة السعودى عن سعادته البالغة لإنجاز مثل هذا الاتفاق التاريخي، وقال، فى تصريحات خاصة لوكالة بلومبرج بعد دقائق من وضع الاتفاق، : "لقد أظهر تحالف أوبك أنه على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات التى يواجهها قطاع الطاقة كما أننا نسعى لإعادة الثقة فى أسواق النفط".
وذكرت بلومبرج أن الاتفاق يأتى بعد مارثون طويل من المفاوضات المكثفة منذ الأسبوع الماضى التى تخللتها محادثات هاتفية واجتماعات عبر منصات التواصل الافتراضى بين حكومات العالم فى مسعى بلورة اتفاق يعالج التداعيات السلبية التى خلفها وباء "كورونا" على أسواق النفط منذ الإعلان عن ظهوره بداية العام الجاري.
وأضافت أن هذه المفاوضات كادت أن تنهار إثر مقاومة من جانب المكسيك لكن كتب لها النجاة فى اللحظات الأخيرة بفضل الجهود الدبلوماسية المضنية التى تمت بخصوص هذا الشأن والتى تضمنت تدخلا شخصيا من قبل الرئيس مريكى دونالد ترامب الذى توسط من أجل إقناع الجانب المكسيكي.
ونقلت بلومبرج عن ايد مورس، خبير اقتصادى لدى مجموعة سيتى جروب المالية قوله: "ما نشهده من إجراءات غير مسبوقة لمعالجة أزمة لما نعهد مثلها من قبل"، مشيدًا بالجهود المبذولة من قبل الأطراف المعنية والدور الذى لعبه الجانب الأمريكى من أجل تأمين ذلك الاتفاق الذى وصفه بالتاريخي.
ورأت الشبكة الأمريكية أن الاتفاق النفطى يضع حدًا لنزيف خسائر أسعار الخام بعد أن سجل أسوأ أداء فصلى له على الإطلاق خلال الربع الأول من العام مع خسارته أكثر من نصف قيمته ليهوى دون سعر 20 دولارًا للبرميل جراء انهيار معدلات الطلب بالتزامن مع التدابير الوقائية المتخذة لمكافحة انتشار فيروس "كورونا".
واعتبرت أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الفائز الأكبر فى هذه الصفقة الذى رغم معارضته تقديم التزام صريح بخفض الإنتاج الأمريكى لكنه أصر التوسط بشكل شخصى لإيجاد حل عبر محادثات هاتفية مع نظيره المكسيكى والمسئولين بالمملكة العربية السعودية وروسيا.
وذكرت أن التساؤل الذى يظل مطروحًا إلى أى مدى ستكون التخفيضات المتفق عليها كافية لدعم الأسعار فى مواجهة عاصفة انهيار الطلب مع استمرار تدابير العزل وحظر السفر وفى ظل ارتفاع حصيلة وفيات فيروس "كورونا" وانفجار معدلات البطالة باقتصاديات رئيسية مثل الولايات المتحدة.
ونبهت إلى أن سوق النفط مهموم بالفعل بتدنى مستويات الاستهلاك أكثر من مسألة العرض والإنتاج وهى حقيقة تدركها جيدًا منظمة "أوبك" التى توقعت تراجع الطلب العالمى على الخام بواقع 28 مليون برميل يوميًا.