قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشليه، إن الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية اليوم هي تتويج لأجيال عديدة من الألم وصراعات طويلة من أجل المساواة.
وأضافت في كلمة لها أمام جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان اليوم /الأربعاء/ مخصصة لمناقشة قضية العنصرية على خلفية مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد وذلك بطلب من المجموعة الأفريقية، أن الحادث أدى إلى ذروة غضب للمواطنين الأمريكيين الذين يشعرون بأن حكومتهم لا تخدمهم بشكل كاف ولا تسمعهم بشكل كاف.
وأكدت ميشيل باشليه أن مقتل فلويد أصبح رمزا للاستخدام المفرط للقوة غير المتناسبة من قبل المعنيين بإنفاذ القانون ضد السكان المنحدرين من أصل أفريقي وضد الملونين وضد الشعوب الأصلية والأقليات العرقية والإثنية في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم،
وضمت المفوضة الأممية صوتها إلى أصوات 20 من قيادات الأمم المتحدة الأفارقة أو المنحدين من أصل أفريقي، والذين شددوا على أن مجرد إدانة أعمال العنصرية ليس كافيا، وأنه يجب تجاوز ذلك وفعل المزيد، ونوهت باشليه إلى أن حجم الاحتجاجات اليوم والأدلة يؤشر إلى اتساع نطاق الدعم العام للتغيير في الدول التي يتشابك تاريخها مع الشرين التوأمين للرق والعنصرية والتي (على الرغم من النضال المثالي للحقوق المدنية) لم تعترف أبدا بشكل كامل بضررهم أو قضوا على نفوذهم.
وأشارت المسؤولة الأممية في كلمتها إلى ما قاله رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارك ميلي من أن وفاة (جورج فلويد) أدت إلى تضخيم الألم والإحباط والخوف الذي يعيشه العديد من المواطنين الأمريكيين يوما بعد يوم، وتأكيده على أن الاحتجاجات التي تلت ذلك لا تتحدث عن مقتله فحسب بل عن قرون من الظلم تجاه الأمريكيين الأفارقة.
وشددت باشليه على ضرورة إجراءات حاسمة في جميع أنحاء العالم ليس فقط لإصلاح أو تصور مؤسسات ووكالات إنفاذ القانون وقالت إنه برغم أهمية ذلك ولكن الهدف هو معالجة العنصرية المتفشية التي تفسد مؤسسات الحكومة وترسخ عدم المساواة وتكمن وراء العديد من الانتهاكات مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب سمح بذلك.
وقالت باشليه إن التمييز العنصرى ينتج عنه ضررا هائلا لملايين المواطنين من الرعاية الصحية السيئة إلى التعليم غير الكافي والتقدم المحدود في الوظائف ورفض القروض السكنية وقروض الرهن العقاري والمعاملة السيئة من قبل المسؤولين والقيود العملية على الحق في التصويت والسجن المفرط في السجون.
وعبرت باشليه من ناحية أخرى عن انزعاجها من الأعمال الإجرامية التي قام بها عدد من الموجودين وسط العديد من الاحتجاجات السلمية حول العالم، والتي أضرت في كثير من الأحيان بممتلكات الأقليات العرقية والاثنية في أعمال إيذاء جديدة، وقالت إن أدلة الفيديو أظهرت استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين من قبل الشرطة بما في ذلك خلال الاحتجاجات السلمية تماما ودعت إلى التحقيق في جميع هذه الحوادث وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وأشارت المفوضة السامية إلى أن وراء العنف العنصري اليوم والعنصرية النظامية والشرطة التمييزية يكمن الفشل في الاعتراف بموروث تجارة الرقيق والاستعمار ومواجهته لبناء أسس أكثر صلابة للمساواة، ودعت إلى فهم أفضل لنطاق التمييز المنهجي مع بيانات مصنفة حسب العرق وكذلك إجراء تعديلات فيما يخص قرون من العنف والتمييز بما في ذلك من خلال الاعتذارات الرسمية وعمليات قول الحقيقة والتعويضات بأشكال مختلفة كما حثت مجلس حقوق الإنسان على زيادة تركيزه على القضايا المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصرى وإيلاء أهمية أكبر للعمل الهام الذي تقوم به الآليات الحكومية الدولية وآليات الخبراء التي تعالج هذه المسألة.
وأثار حادث وفاة المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد رجل شرطة "أبيض" في 25 مايو الماضي، موجة من الغضب في الولايات المتحدة، حيث انطلقت مظاهرات سلمية تندد بالعنصرية سرعان ما تحول بعضها إلى أعمال عنف وشغب تتسع يوميا في العديد من المدن، ولا سيما مع انتشار لقطات مصورة على مواقع التواصل للحظة تثبيت فلويد على الأرض والضغط على عنقه أثناء اعتقاله، وهو يردد "لا أستطيع التنفس"، وسط صراخ بعض المارة مطالبين من الشرطي التوقف عن خنقه.