يحيي العالم غدا /الجمعة/ اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، و يأتي الاحتفال هذا العام 2020 تحت شعار (تأثير كوفيد-19 على الناجين من العنف الجنسي في حالات النزاع) حيث يؤثر وباء الفيروس التاجي (كورونا) بشكل كبير على حياة الضحايا والناجين من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.
وعلى الرغم من أن جرائم العنف الجنسي في حالات النزاع لا يتم الإبلاغ عنها في الكثير من المواضع، فإن وباء (كوفيد-19) أدى إلى إضعاف إمكانية قيام الناجيات بالإبلاغ عن العنف الجنسي وزاد من تفاقم الحواجز الهيكلية والمؤسسية والاجتماعية والثقافية أمام الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم، وأصدر الأمين العام في 23 مارس، دعوة عالمية لوقف إطلاق النار في مواجهة جائحة (كوفيد-19) مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار العالمي سيجلب الأمل إلى سكان المناطق الأكثر عرضة للفيروس.
إن مكافحة الإفلات من العقاب على جرائم العنف الجنسي، هو جانب أساسي في ردع ومنع هذه الجرائم، كما أنها عنصر مركزي في توفير فرص التعافي للضحايا.. وفي هذا الصدد، فإن (كوفيد-19) له تأثير ضار وكبير على جميع جوانب استجابة سيادة القانون بما في ذلك المساءلة عن جرائم العنف الجنسي في حالات النزاع والقيود المتعلقة بسلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية، كما يؤثر هذا الوباء بشدة على تقديم مجموعة من الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية المطلوبة لدعم الناجين من جرائم العنف الجنسي في حالات النزاع.
وهناك تقارير عن إغلاق ملاجئ مخصصة للناجين من العنف القائم على نوع الجنس وإلغاء عمل العيادات المتنقلة وخدمات الاستشارة خوفا من انتشار الفيروس. غالبا ما يكون مقدمو الخدمات الصحية والمستجيبون الأوائل للطوارئ هم نقطة الاتصال الأولى للناجين من العنف الجنسي، ومع ذلك قد تكون النساء بمن فيهن الناجيات من العنف الجنسي أقل رغبة في طلب المساعدة، خاصة للخدمات الصحية، بسبب المخاطر المتوقعة للإصابة بـ ( كوفيد-19) خوفا من العدوى وإمكانية نقل الفيروس إلى عائلاتهن.
وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت قرارها رقم 293/69 في يونيو 2015، اعتبار يوم 19 يونيو من كل عام بوصفه اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، وأوضح القرار أن الهدف من ذلك هو إلتوعية بالحاجة إلى وضع حد للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات وتكريم ضحايا العنف الجنسي في جميع أنحاء العالم، والإشادة بكل الذين تجاسروا فأخلصوا أوقاتهم للقضاء على هذه الجرائم وجادوا بأنفسهم في سبيل ذلك المقصد. ووقع الاختيار على ذلك التاريخ للتذكير باعتماد قرار مجلس الأمن 1820 في 19 يونيو 2008، الذي ندد فيه المجلس بالعنف الجنسي الذي تتخذ منه الجماعات الإرهابية والمتطرفة وغيرها أسلوبا من أساليب الحرب لإذلال المدنيين، فضلا عن أنه أي العنف الجنسي يمثل عقبة في سبيل بناء السلام. واستجابة لتزايد التطرف العنيف، اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2331، وهو أول قرار يتناول العلاقة بين الاتجار والعنف الجنسي والإرهاب والجريمة المنظمة.
وأشار أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن العنف الجنسي يشكل في حالات النزاع جريمة وحشية ترتكب أساسا ضد النساء والفتيات، ولكنها جريمة تؤثر أيضا على الرجال والفتيان، وتطال تداعياتها جميع المجتمعات المحلية والمجتمعات ككل، حيث تؤدي إلى استمرار دورات العنف على الدوام وتهديد السلم والأمن الدوليين. ومع التفشي المستعر لجائحة كوفيد-19 عبر المناطق المتأثرة بالنزاع المسلح في العالم، يواجه الناجون من ضحايا هذه الجريمة تحديات أكثر شدة. حيث يمكن مواجهة مصاعب في الإبلاغ عن الجرائم؛ وربما أغلقت الملاجئ والعيادات بسبب الجائحة.
وأضاف غوتيريش القول "إنني أشيد بالعاملين في الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة ممن يجدون سبلا لدعم المتضررين على الرغم من تدابير الإغلاق وحالات الحجر الصحي، وبمناسبة هذا اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، نقف صفا واحدا تضامنا مع الضحايا الناجين من هذه الجريمة. ونتعهد بالإصغاء لهم واتخاذ التدابير في ضوء تجاربهم وقراراتهم. ويجب علينا منع ارتكاب هذه الجرائم ووضع حدا لها؛ وجعل الناجين من الضحايا في صميم الإجراءات المتخذة للتصدي لها؛ ومساءلة الجناة؛ وتوفير الدعم لجميع المتضررين".
ويشير مصطلح "العنف المرتبط بحالات الصراع" إلى الاغتصاب والتجارة الجنسية والبغاء القسري والحمل القسري والإجهاض القسري والتعقيم القسري والزواج القسري وغيرها من أشكال العنف الجنسي مما لها نفس الأثر الذي تتعرض له النساء والرجال والفتيات والفتيان سواء كان ذلك تعرضا مباشرا أو غير مباشر مما يتصل بالعنف اتصالا مؤقتا أو جغرافيا أو عرفيا. ومن الشواغل الدائمة هو شاغلي الخوف والعار الاجتماعي اللذان يتعاضدان بشكل يمنع السواد الأعظم من ضحايا العنف الجنسي من التبليغ عنه.
ووفقا للأمم المتحدة ما يزال "العنف الجنسي، سمة مروعة للصراعات في أنحاء العالم.. ويهدد السلام وأمن الإنسانية".
وتشير تقارير دولية أكدت ارتفاع نسب حالات العنف الجنسي في المناطق المضطربة، يقابلها مطالب حقوقية بتفعيل دور المجتمع الدولي لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب ومقاضاتهم في محاكم وطنية دولية.
في الوقت نفسه، أشار تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) لعام 2020 إلى أن ما يقدر بـ 19 مليون طفل قد عاشوا نازحين في بلادهم بسبب النزاعات والعنف عام 2019 المنصرم، وبأن بعضهم يحيا على تلك الحال منذ سنين طويلة، ليربو بذلك عدد الأطفال النازحين داخلياً عما مضى بكثير.
ويبين التقرير الذي يحمل عنوان (ضائعون في ديارهم) المخاطر والمصاعب التي يواجهها الأطفال النازحين داخلياً، والإجراءات التي ينبغي اتخاذها على وجه السرعة لصونها.. حيث إن استمرار تفشي فيروس كوفيد-19 حول العالم قد ترك هؤلاء الأطفال في عداد المجموعات الأكثر عرضة لآثاره المباشرة وغير المباشرة.
وصرحت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لليونيسف، بأن ملايين الأطفال النازحين حول العالم يحيون في الأصل دون رعاية أو حماية، وحين تظهر أزمات جديدة، كجائحة (كوفيد-19) فإنها تزيد هؤلاء الأطفال ضعفاً على ضعف، ولذا فلا بد للحكومات ولشركائهم العاملين في الحقل الإنساني من مضافرة جهودهم لمنح الأمن، والصحّة، والتعليم، والحماية لهؤلاء الأطفال.
كما تدعو (اليونيسف) الحكومات إلى اتخاذ إجراءات ملموسة والاستثمارات اللازمة لمنح كل الأطفال والأسر النازحة داخلياً الحماية والفرص المتساوية في الحصول على الخدمات.. ولا بد لتنفيذ برنامج العمل هذا من وجود بيانات وأدلة ذات نوعية أفضل، متوفرة عند الطلب، وفي متناول الجميع، ومصنفة حسب العمر والجنس، بغية تحسين فهم كيفية تأثير النزوح الداخلي في الأطفال وأسرهم.. كما أكد التقرير وجوب حجز كرسي للأطفال والشباب النازحين داخلياً على موائد المباحثات التي تدور بشأنهم، وإلى وجوب أخذها على محمل الجد، وإتاحة الفرصة لهم ليكونوا جزءاً من الحل.
ت م ش/ح س م