تواجه العاصمة البريطانية، وحي المال وسط لندن أكبر أزمة اقتصادية خلال أجيال، حيث سيفقد عشرات الألاف وظائفهم كما يواجه مئات الشركات خطر الإنتقال من بريطانيا، فقد فرغت الشوارع التى كانت تعج بالسكان من حي ماي فير إلى غرب لندن إلى دوكلاندز شرق العاصمة من السياح والمسافرين بسبب الضربة المزدوجة المدمرة التي تلقتها البلاد.
وقامت صحيفة "إيفيننج ستاندارد"، بإجراء تحقيق صحفي لفهم حجم هذه الأزمة، ونقلت عن أصحاب الأعمال "المذعورين" القول إن نحو 50,000 وظيفة في القطاعات التي تعاني أساسا مثل قطاع التجزئة والسياحة ستختفى في الحي التجاري فى "ويست إند"، بمفرده خلال العام الحالى، حيث إنخفض معدل الإنفاق بمقدار النصف وتقدر هذه المصادر الخسائر بنحو 5 مليار إسترليني كنتيجة لفرض الحظر خلال تفشي فيروس كورونا.
وقال النائب المحافظ عن مدينة لندن وويستمنستر "نيكي أيكين"، إن ما يدور من حوارات اليوم توضح "إن حي المال بوسط العاصمة لندن الذي يعد دائماً بالخروج من هذه الأزمات بعد فترات الركود. لكن هذه المحادثات تشير إلى إنها ستكون الأخيرة وهذا أمر مهم لأنها محرك أساسي للاقتصاد البريطاني."
وقال سايمون فرينش، وهو كبير الاقتصاديين في شركة "بانمور جوردون" للصرافة في حي المال إنها قد تستغرق نحو 5 سنوات للتعافي الاقتصادي للعاصمة ليعود بعدها إلى معدلاته قبل الأزمة والتي ستتكلف نحو 60 مليار إسترليني.
وتأتي التحذيرات الأخيرة بعد 3 أيام من قول رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن على الجميع "العودة إلى العمل إذا استطاعوا" في تحول لما قاله من قبل للعمل من المنزل وتفادي وسائل النقل إذا ما إستطاع الشخص ذلك. بل إن الوزير بمكتب رئيس الوزراء مايكل جوف قد ذهب بعيداً بالأمس حيث قال:"نريد أن يعود الناس إلى اعمالهم في المحلات وفي المكاتب وحيثما إستطاعوا."
لكن الحكومة في الوقت نفسه، بما يزيد من الخلط، لم تقم بعد بإزالة النصيحة الرسمية المتواجدة على موقع الحكومة والتي تقول "إعمل من البيت إن تستطعت."
ووفقاً للتقارير الصحفية، فإن رئيس الوزراء ووزير الخزانة ريشي سوناك كانوا "مذعورين" من تأثير الرسالة القائلة "ظل بالمنزل" على الحياة في وسط العاصمة التجارية، لكن ملاك العديد من كبريات المطاعم والبارات والفنادق والمحلات في وسط العاصمة البريطانية التي تعد أساس النظام الاقتصادي والأكثر تأثراً يساورهم الشك في أن تغيير الحكومة لنبرتها السابقة قد يكون لها تأثيراً ولو بسيطاً عليهم.
وكشف استطلاع رأي نشر - مؤخراً - أن المسافرين بين المدن لا يزالون يشعرون بالقلق خلال سفرهم على متن القطارات. وأشار استطلاع أخر إلى أن 88 في المائة يشعرون إن الوقت لا يزال مبكرا على العودة إلى المواصلات العامة في العام الحالي.
ويخشى كذلك من أن التأثير الأخير للإجراءات التي أعلنها وزير الخزانة للمساعدة في نشاط الفنادق والفنون على الرغم من أنه مرحب به سيكون له تأثير طفيف على وسط لندن أقل من تأثيره على المناطق الأخرى لأنه يعتمد على السياحة والمسافرين.
وقال روس مورجان، الرئيس التنفيذي لمنظمة "وسط لندن" للأعمال - التي تمثل التجار وأصحاب المحلات في ميادين بيكاديلي وسانت جيمز وليستر - "على الرغم من أن تأثير تدخل الحكومة له أثر بسيط على الإحتياجات الخاصة والجغرافية في وسط لندن والتي يسكنها عدد قليل من السكان. دون هذه المساعدة فإن العديد من هذه القطاعات ستغلق والعديد من الأشخاص سيفقدون وظائفهم وسبل العيش ستتأثر كثيراً."
وأوضح تحقيق الصحيفة الإنجليزية أن التقارير الأخيرة لكل من مواصلات لندن توضح أن مترو الانفاق يعمل الأن بنحو 20 في المائة فقط أقل من مستواه اليومي وأن وسائل النقل تعمل بنحو 37% من طاقتها وأن المسافرين يخشون تعريض أنفسهم إلى للعدوى إذا ما ركبوا في عربات مزدحمة.
وكشفت أخر الأرقام الصادرة من مكتب الاحصاءات الوطنية أن 57.2 في المائة من سكان لندن يميلون أكثر للعمل من المنزل عن أي مدينة أخرى في بريطانيا. وكشفت أيضا الأرقام إن نحو مليون شخص توقف عن السفر يوميا إلى وسط لندن.
وحذر الكثير من الأعمال المرتبطة بالمكاتب والإنفاق السياحي من أنها لم تعيش انكماشا أكثر سوءا من الوضع الحالي وسط لندن الذي يصل دخله إلى نحو 200 مليار إسترليني أو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا وأنه يتعرض للخطر بسبب كورونا.