أشار تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن عواقب ربما تضع الصين داخل دوامة سياسية في الشرق الأوسط، وذلك على خلفية اتفاقية الشراكة الصينية الإيرانية الاستراتيجية التي تعد بمثابة "زواج المصحلة" بين البلدين.
وكانت تقارير إعلامية عديدة سربت مسودة من الاتفاقية الشاملة التي يتوقع أن تبرمها بكين مع طهران، لإنقاذ الأخيرة من أزمتها الاقتصادية الخانقة.
ونقلت قناة الحرة عن تقرير فورين بوليسى ، تتعرض إيران لظروف اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود، على خلفية العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية بسبب برنامجها النووي، علاوة على الإغلاق التام الذي تسبب فيه فيروس كورونا المستجد، ما جعل العملة المحلية تهبط لمستويات قياسية أمام الدولار الأميركي.
وتأمل طهخران أن توفر هذه الاتفاقية الاستراتيجية شريان حياة لها، من خلال ضخ الصين لمليارات الدولارات في استثمارات حيوية في مجالات عدة، مقابل الحصول على النفط الإيراني بأسعار زهيدة، لمدة 25 سنة.
لكن هذه الاتفاقية ربما تضع الصين في مأزق سياسي في الشرق الأوسط مع السعودية والإمارات وإسرائيل، وهي الدول التي تعتبر إيران بمثابة الخصم، خاصة في ظل مشروع طهران التوسعي عبر وكلائها في عدد من دول المنطقة.
وتعتمد الصين وهي أكبر مستورد للنفط في العالم، الحياد في الصراعات السياسية والأمنية، لكن الاتفاقية الاستراتيجية مع طهران، ربما تثير حفيظة السعودية والإمارات وإسرائيل، وهذه الدول لديها تجارة مشتركة مع بكين 3 مرات ضعف التبادل التجاري الصيني الإيراني (123 مليار دولار مقابل 35 مليار دولار).
وتسهم الاتفاقية الجديدة التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار في استثمارات متنوعة منها الموانئ، مترو الانفاق، انتاج الغاز والنفط، والاتصالات، وإنشاء السكك الحديدية، إضافة إلى التعاون العسكري.
الاتفاقية الشاملة ستنقذ طهران لكنها ربما تعرض الصين لإحراج أمام حلفائها في المنطقة ، وتضع هذه الاتفاقية الصين في مأزق حقيقي داخل الشرق الأوسط، بعد بناء علاقة استراتيجية مع إيران، خاصة حال الفشل في كبح سلوك طهران الإقليمي، فهذا يعرض سياسات الصين الاقتصادية للخطر.
وبحسب المجلة، لا يمكن الحكم على هذه الاتفاقية من الجانب التجاري فقط، بل سيكون لها تأثيرات سياسية عميقة، تدخل بكين في مقامرة محفوفة بالمخاطر، رغم أنها تجعل لبكين موطئ قدم في موقع متميز من العالم، وتسمح لها بإكمال مبادرة الحزام والطريق القديم الذي يربط غرب الصين بالشرق الأوسط وأوروبا.
وتوقف ما نسبته 5% من إنتاج النفط حول العالم بسبب الهجمات على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص، وهي الهجمات التي اتهمت فيها الرياض طهران بالوقوف خلفها، ما تسبب في ارتفاع أسعار النفط بنسبة 15%، وهذا الشيء يؤكد أن نجاح هذه الاتفاقية يتوقف على التقلبات السياسية في المنطقة.
كذلك، يتوقف تنفيذ هذه الاتفاقية الاستراتيجية، على القبول الشعبي داخل إيران لهذا النوع من الصفقات التجارية الكبيرة، خاصة في ظل تحذيرات أطلقها الرئيس الإيراني السابق أحمد نجاد بشأن هذه الاتفاقية، حيث طالب نجاد بضرورة العودة لإرادة الشعب حال توقيع اتفاقيات مع قوى أجنبية، وإلا تعتبر باطلة بحسب تعبيره.