كشفت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، عن أدلة تشير إلى أن الأسلحة الإيرانية التي تقدمها طهران إلى الميليشيات الحوثية الإرهابية في اليمن يتم تهريبها بواسطة شبكات إجرامية إلى منطقة القرن الأفريقي.
وأشارت المبادرة في تقرير جديد إلى مصادرة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن يوم 24 يونيو ، لقارب شراعى يحمل أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الميليشيات الحوثية فى اليمن، وشملت الشحنة المضبوطة مئات البنادق الهجومية، فضلاً عن بنادق قنص، وأسلحة آر بى جي، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وكانت هذه الضربة هى الأحدث ضمن عدد من عمليات الاعتراض البحرية المماثلة التى تعود إلى أواخر عام 2015.
ونقلت صحيفة الرؤية، أن المبادرة لفتت إلى إشارة وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو إلى عملية التحالف المذكورة في معرض حثه لمجلس الأمن الدولي على تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران والذي ينتهي في منتصف أكتوبر المقبل.
وفيما توفّر مثل هذه العمليات أدلة دامغة على النقل غير المشروع للأسلحة من إيران إلى اليمن، تشير المبادرة إلى أن شحنات كثيرة من هذه الأسلحة الموجهة لدعم حلفاء إيران تجد طريقها سريعاً إلى شبكات إجرامية في القرن الأفريقى وقد يتم تحويل مسارها إلى هناك حتى قبل وصولها إلى اليمن.
وقال موقع ديلي مافريك، ومقره جنوب إفريقيا، إن بحثاً للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود كشف وجود رابط منطقي بين إمدادات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين والأسلحة المهربة إلى الصومال.
تواصل مع المهربين
وحسب التقرير، تواصلت المبادرة، يونيو الماضي، مع تاجر أسلحة في العاصمة اليمنية صنعاء التي تقبع تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، أشارت إليه باسم مستعار وهو «جابر الهادي»، فيما تقمصَّت المبادرة شخصية مواطن صومالي ناطق بالعربية وعاش في نيروبي وأطلقت عليه اسم «جامع».
وأوهم جامع، تاجر الأسلحة «الهادي» بسعيه للتوسط في صفقة أسلحة لصالح عميل من جنوب السودان، حيث تبادل الطرفان في الفترة بين 27 يونيو و5 يوليو عشرات الرسائل الصوتية المسجلة عبر تطبيق «واتساب»، وقدم الهادي لـ«المشتري الوهمي» معلومات مفصَّلة حول نشاطه، ومخزوناته الحالية من الأسلحة وشركائه والوسائل المفضلة لتلقي التحويلات المالية.
كما قدَّم أيضاً عدة صور لأسلحة موجودة في مستودعه بصنعاء، بما في ذلك صورة تظهر الرقم التسلسلي لبندقية كلاشنكوف صينية الصنع من النوع «56-1».
واستناداً إلى هذا الرقم التسلسلي، اتضح فيما بعد أن البندقية تحمل خصائص مشتركة مع الأسلحة التي أفادت تقارير بأن إيران قدمتها إلى الميليشيات الحوثية في اليمن.
وعلاوة على ذلك، تم توثيق البندقية ذاتها وبرقم تسلسل متشابه إلى حد كبير في وسط الصومال في أبريل 2019.
صفقة سلاح فاشلة
وحسب المبادرة، فقد أرسل جامع إلى الهادي قائمة بالأسلحة الصغيرة والذخائر المطلوبة من طرف العميل الوهمى في جنوب السودان، حيث تجاوزت قيمة الشحنة 5 ملايين دولار.
وفي غضون يومين رد الهادي بقائمة أسعاره مع الاستعداد للتفاوض حولها، فيما كانت أعلى من أسعار الجملة المعتادة في اليمن، إلا أنه أكد قدرته على الحصول على كامل العتاد المطلوب من تجار عدة في أنحاء اليمن.
فيما طالب الهادي من جامع تسهيل تحويل مبلغ 100 ألف دولار أمريكي من عميله الوهمي في جنوب السودان كدفعة أولى، ويضيف التقرير أن الهادي أحبط بشكل متزايد بسبب فشل جامع في تحويل مبلغ الدفعة الأولى.
ووفقاً للمبادرة، قال تاجر الأسلحة اليمني لجامع بعدما نفد صبره، «الموعد النهائي لعميل جنوب السودان هو 12 ظهراً، إذا لم يستجيبوا، فأخبرهم بأننا سنلغي الصفقة ولن تكون هناك حاجة إلى إزعاجنا بعد الآن»، وانتهت قصة الرجلين بعد أن أبلغ الهادي، جامع في 5 يوليو الماضي، أنه غير قادر على توفير كميات السلاح المطلوبة. ثم أوقف اتصالاته.
تاريخ تجارة السلاح بين اليمن والصومال
وأشار موقع ديلي مافريك إلى أن الصومال يخضع لحظر على توريد الأسلحة تفرضه الأمم المتحدة منذ عام 1992، ما يجعل جميع واردات المعدات العسكرية إلى البلاد (خارج نطاق إعفاءات محددة من مجلس الأمن) انتهاكاً للقانون الدولي.
ومنذ ذلك الوقت، كان مستوردو الأسلحة الصوماليون يتطلعون إلى اليمن كمصدر رئيسي للأسلحة غير المشروعة، مستفيدين من الروابط الثقافية والتجارية التي دامت قروناً من الزمان بين البلدين، فضلاً عن انتشار الأسلحة الصغيرة والذخائر في اليمن.
وحتى قبل اشتعال الوضع في اليمن عام 2015، كانت البلاد تصنف باعتبارها الثانية عالمياً من حيث ملكية الأفراد للأسلحة بعد الولايات المتحدة.
وتعتبر ولاية بونتلاند، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في الصومال، وتضم معظم الركن الشمالي الشرقي من هذا البلد، نقطة الدخول الرئيسية للأسلحة غير المشروعة إليه.
وتشير المبادرة في بحثها إلى وجود شبكات تهريب ترى أن الأسلحة الإيرانية الموجهة إلى اليمن ينتهي بها المطاف في الصومال، بل وربما في جهات أبعد من ذلك.
ووردت تقارير تفيد بأن كثيراً من الأسلحة المهربة من اليمن تباع على أيدي وسطاء لبلدان مثل كينيا وموزمبيق وتنزانيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.