ذكر التقرير السنوي الصادر عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الذي تم إطلاقه اليوم الثلاثاء، أنه في مواجهة ركود عالمي عميق وسط جائحة لا تزال مستمرة، هناك حاجة إلى خطة عالمية للتعافي يمكنها أن تعيد حتى البلدان الأكثر ضعفاً إلى وضع أقوى مما كانت عليه قبل جائحة كوفيد-19، ويحذر التقرير من "عقد مفقود" إذا سادت عقلية التقشف كسياسة معتمدة للبلدان.
ويستخلص التقرير، الذي عرضه اليوم الدكتور محمود الخفيف كبير الاقتصاديين بالأونكتاد خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت نظمه المركز الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة، الدروس من الأزمة المالية العالمية السابقة، ويرى أن التعافي والإصلاح، على المستويين الوطني والدولي، يجب أن يسيرا جنبًا إلى جنب، فإن إعادة البناء بشكل أفضل تتطلب تجاوز الشعارات لتصبح نموذجًا لمستقبل أكثر مرونة.
وقال الدكتور محمود الخفيف، إن الاقتصاد العالمي لم يتعاف أصلا بشكل كامل من الأزمة الاقتصادية العالمي لعامي 2008 - 2009، حيث أن الإجراءات التي اتخذتها الدول أدت لزيادة هشاشة الاقتصاديات وزيادة حدة العولمة والاستقطاب، موضحا أنه قبل التعافي من هذه الآثار الاقتصادية، ظهرت أزمة كورونا في الوقت الذي اتبعت فيه معظم دول العالم إجراءات أدخلت الاقتصاد في حالة من الانغلاق العظيم الذي أدى إلى ركود اقتصادي غير مسبوق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وأشار إلى الحاجة لعلاج انعدام المساواة وعدم كفاية الوظائف في القطاع الرسمي وزيادة ديون الدول النامية.
وأضاف الخفيف أن التقرير يتوقع مع ظهور فيروس كورونا خسارة اقتصادية في حدود 4% من حجم الاقتصاد العالمي عام 2020، بقيمة 6 تريليونات دولار بما يوازي حجم اقتصاد الهند والمكسيك والبرازيل، أو 20 ضعف حجم الاقتصاد المصري.
وأظهر التقرير تراجع تحويلات العاملين بالخارج بنحو 100 مليار دولار، كما أن حركة السفر والسياحة تراجعت في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 40٪ خلال عام 2020، وبالنسبة لأثر الأزمة على العمالة، أوضحت منظمة العمل الدولية أن هذه الأزمة تهدد 500 مليون وظيفة على مستوى العالم، بالإضافة إلى احتمال اختفاء 100 مليون وظيفة بحلول نهاية العام الحالي، بما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الديون وعدم القدرة على السداد.
ولفت التقرير إلى أن صانعي السياسات في دول العالم لديهم أدوات محدودة للتعامل مع الأزمة، فمعظم الدول النامية تتعامل مع صندوق النقد الدولي وتعاني من شروطه وعليها قروض، في الوقت الذي تشهد فيه هذه الدول تراجعاً في عائدات الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، بما له من أثر على زيادة معدلات الفقر، فضلا عن أن 300 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي عبر العالم.
كما توقع التقرير تراجع الاقتصاد المصري بين 3 و2ر3% في عام 2020، نتيجة تداعيات أزمة كورونا، لافتا إلى أن الدول النامية تعاني من ضغط شديد على الإنفاق، نتيجة زيادة بنود الإنفاق على الصحة والإعانات الاجتماعية، مع تراجع إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات العاملين.
وقلل التقرير من قيمة الإجراءات التي اتخذتها الدول المتقدمة تجاه الدول النامية حيث كانت جراءات إعفاء الدول النامية من الديون ذات أثر ضئيل للغاية، وحذر من إمكانية عدم التمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، الأمر الذي يستدعي تغيير السياسات المتبعة على المستويات العالمية والوطنية.
ودعا التقرير الدول المتقدمة لمواصلة دعم الإنفاق العام ليستعيد القطاع الخاص الثقة ويعاود الإنتاج، كما دعا هذه الدول إلى تقديم الدعم المالي الكافي وتقليل ديون الدول النامية، التنسيق بين السياسات النقدية والاقتصادية مع التركيز على دعم الأجور، ووضع حزمة من إجراءات الإنعاش الاقتصادي وزيادة الإنفاق الحكومي، وطالب الدول النامية باستخدام القروض لأغراض إنتاجية بحيث تكون القدرة على السداد أعلى.