فور إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية الرئاسية وفوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، خرج أمين عام الناتو ينس ستولتنبرج، عن تحفظه وحياده، ليدعو بلهفة الرئيس المنتخبالجديد إلى بروكسل، بعد تسبب ترامب في حالة من الاستياء لدى أعضاء الحلف الذى طالما انتقدهم وخاصة ألمانيا التى اتهمها بالانتفاع من التواجد العسكرى الأمريكى فى ألمانيا.
وفى تصريحات لدويتشه فيلهالألمانية قال بول تيلور، الباحث الأول في مؤسسة "أصدقاء أوروبا: "في نهاية الأمر، نجا الناتو من دونالد ترامب، ولكنه لم ينجُ دون أضرار ودون تغييرات".
وأضاف تيلور: بعض هذه التغييرات لديها جانب إيجابي، حتى وإن تركت آثاراً على نفسية الحلف،فعلى سبيل المثال، رغم أن ترامب يزعم مخطئاً أنه تمكن من عكس توجه حلفائه لخفض إنفاقهم العسكري، وهو أمر حدث بالفعل في 2014، إلا أن من الثابت أن الحلفاء عززوا من نفقاتهم الدفاعية للوصول بشكل أسرع إلى هدف الـ2 % من إجمالي الناتج المحلي الذي حدده الناتو، وذلك لتجنب انتقاداته اللاذعة العلنية.
وأكد تيلور عدم وجود فائدة في الانسحاب المفاجئ وغير المنسق للقوات الأمريكية من أفغانستان والعراق، حيث يساعد ضباط الناتو في تدريب القوات المحلية لإدارة أمنها بنفسها مستقبلاً.
ولفت إلى أن إعلان ترامب المفاجئ هذا كان مقلقاً للناتو، الذي لم تتم استشارته، وللحكومات التي أرسلت جنودها وضباطها إلى تلك الدول، والتي ستكون في موقع أضعف بسبب انسحاب القوات الأمريكية.
وبات حلفاء الولايات المتحدة يعتمدون علي بايدنلدعم جهودهم الموحدة لمواجهة هذه التحديات، بالإضافة إلى ملفات أمنية أخرى على المدى القصير والطويل.
ويقوم الأمين العام ستولتنبرج حالياً بوضع سلم أولويات لهذه الملفات، بالنظر إلى أن التصور الاستراتيجي للحلف، الذي يحدد التهديدات والإمكانيات المتاحة لمواجهتها لم تتم مراجعته منذ عام 2010.
وتأتى التوصية الأولى لـ "مجموعة المراجعة في الناتو"، وهي مجموعة من المستشارين الذين عيّنهم ستولتنبرج العام الماضي، ويقودهم وزير الدفاع الألماني الأسبق توماس دو ميزيير ومسؤول وزارة الخارجية الأمريكية الأسبق ويس ميتشل.
وتهدف هذه المجموعة إلى تحسين التماسك السياسي والإبداع بين أعضاء الحلف، بعدما اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الناتو بأنه "ميت سريرياً".
تقرير المجموعة الجديد، الذي حمل عنوان "الناتو 2030: متحد من أجل حقبة جديدة"، يخلص إلى أن ازدياد عدوانية روسيا سيظلّ أكبر تحد عسكري للحلف في العقد القادم، ولكن الصين ستخطف الأضواء بالتأكيد كخطر صاعد".
حول ذلك قال ويس ميتشل في إيجاز حول التقرير عُقد بمؤسسة "كارنيجي أوروبا": بات من الواضح تماماً من خلال مشاوراتنا مع الخبراء والحلفاء، بأن صعود الصين هو أكبر تغير ذي تبعات في البيئة الاستراتيجية للناتو، وهو تغير يجب على الحلفاء أن يحسبوا حسابه.
كما يجب على الحلف أن يتعامل مع مناطق صراع أكثر سخونة، فمع تعثر مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان وبقائها على نسق بطيء، يقول ستولتنبررج إن الناتو سيقرر في فبراير المقبل ما إذا كان سيستمر في مهمته هناك للتدريب وتقديم المشورة والمساعدة، أم سينسحب من أفغانستان بعد حوالي عقدين من الزمان.
وكان الناتو، قد تعهد بالبقاء في البلاد إلى أن تسمح الظروف الميدانية للقوات الأمنية المحلية بالحفاظ على الاستقرار.
كما تبقى القضية التى أثارت أكبر قدر من الاختلاف طوال السنوات الأربع الماضية في محور خلافات الحلف، ألا وهي حد الـ 2 % الشهير.
وفي هذا الصدد، قال توماس دو ميزيير في خطاب بمركز تحليل السياسات الأوروبية: إدارة بايدن ستكون أكثر صعوبة بالنسبة لنا، لأن نبرتها ستكون أكثر صداقة، مضيفاً أن الأمر لم يصل إلى الحديث عن التفاصيل مع موقف ترامب العدائي، وهو ما يجعل الامر بالنسبة لنا، في أوروبا وألمانيا، أصعب، لكنني أرحب بذلك".
ويتفق الباحث بول تيلور مع أن لا أحد يجب أن يظن بأن الأمور ستكون سلسة تماماً مع إدارة بايدن، مشيراً إلى أن ما على الحلفاء توقعه هو أن المفاوضات الصعبة لن تعني بالضرورة عراكاً. ويضيف تيلور: سيكون الأمر مبنياً على نفس الحقائق، وعلى نفس الافتراض الأساسي بأننا في نفس القارب وأننا أقوى سوياً، وأن أمريكا أقوى مع حلفائها من أن تكون وحدها، وأن الحلفاء أقوى مع أمريكا من أن يكونوا وحدهم".