مارس النظام التركى خلال العام المنقضي 2020، كافة أشكال التدخل فى شئون الدول، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بل إنه احتل أراضي فيها، مثل سوريا وليبيا والعراق، وتواجد بقواعد عسكرية في كل من قطر والصومال، ولم يسلم شرق البحر الأبيض المتوسط من انتهاكاته.
وارتكزت سياسة الغطرسة التركية على علاقة نظام أنقرة بتأييد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، للممارسات التركية، فضلاً عن العلاقات الخاصة مع روسيا، وضعف شوكة الاتحاد الأوروبي.
وبحسب تقارير، فإن عام 2021، سيكون بداية الانحسار والتراجع لكل أسباب قوة النظام التركي، فيما يتعلق بسياساته الخارجية.
وأكدت دراسة صادرة عن موقع "تركيا الآن" أن الظروف الدولية والإقليمية التي ساعدت على قوة أردوغان ستتراجع خلال الفترة المقبلة، وذلك لعدة أسباب، يأتي في مقدتها، انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ليحل محل دونالد ترامب، فإذا كان الأخير تغاضى عن جميع سياسات فرض الأمر الواقع التي انتهجها أردوغان، فمن المتوقع أن يسلك بايدن الأسلوب التقليدي في السياسة الخارجية الأمريكية.، في هذه الحالة، لن يتمكن أردوغان من التواصل مع بايدن في أي وقت ولن يستطيع إملاء رغباته.
بالإضافة إلى أن حساسية بايدن تجاه حقوق الإنسان والديمقراطية لا يمكن مقارنتها بما كان ينتهجه ترامب في تلك الملفات.، ومن الوارد أن يطرح جو بايدن سجل حقوق الإنسان في تركيا على الواجهة بصورة أكبر، وكذلك ممارسة المزيد من الضغوط فيما يتعلق بموضوع صواريخ «إس -400»، والوقوف إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط مع إظهار حساسية أكبر تجاه ملف الأكراد.
وتشير الدراسة إلى أنه في حال دعم بايدن جهود الأمم المتحدة في ليبيا، فإن استراتيجية تركيا في ليبيا ستدخل في حالة في الفراغ في ظل عدم وجود من يدعمها. وفي هذه الحالة ، من الصعب للغاية مواجهة الولايات المتحدة وأوروبا.
أما ثاني أسباب تراجع قوة تركيا – وفقاً للدراسةـ عودة القوة للاتحاد الأوروبي في علاقاته مع تركيا بعد وصول بايدن للرئاسة الأمريكية، فمن المتوقع أن يبدأ الاتحاد الأوروبي في اتباع سياسة خارجية أكثر نشاطًا مع بدء فترة بايدن من خلال حل الخلافات القائمة بين الاتحاد والولايات المتحدة مع تطوير سياسات من شأنها أن تخلق توازنا في مواجهة نهج تركيا وروسيا في المنطقة. وفي هذه الحالة، يمكن أن يتدخل الاتحاد الأوروبي بصورة أكبر بشكل خاص في قضايا مثل ليبيا وشرق المتوسط.
وحسب دراسة "موقع تركيا الآن" فإن العلاقات التركية الروسية ربما تشهد أزمة مع وقوع أدنى توتر بين الجانبين، وقد حدثت أزمة في إدلب في فبراير من العام الماضي. وعلى الرغم من عدم قبول الدولتين بذلك على الصعيد الرسمي، إلا أن 36 جنديا تركيا على الأقل قد قُتِلُوا في هجوم نفذته الطائرات الروسية.
ورغم حرص كل من الغرب وروسيا على استمرار العلاقات القوية مع تركيا، - إلا أن شروع الغرب أو أمريكا في توقيع عقوبات قد تدفع أردوغان إلى الارتماء في أحضان روسيا حتى لو لم يكن يريد ذلك على الإطلاق، ولجوء أردوغان لإعادة استغلال ورقة اللاجئين للضغط على أوروبا.
وفي المقابل ـ وفقاً للدراسة - إذا أدارت تركيا ظهرها لروسيا ورغبت في صناعة السلام مع الغرب مرة أخرى، فإن موسكو قد تبدأ حينها في الضغط على تركيا في كثير من المجالات من خلال إعادة فتح الملفات، ولا سيما في سوريا وناجورنو كاراباخ.
وتختتم الدراسة بالتأكيد على أن الفترة المقبلة ستشهد الكثير من التغييرات الجذرية التي ستجعل مهمة أردوغان أكثر صعوبة مما هي عليه بالفعل الآن، مع قدوم إدارة أمريكية جديدة تحمل معها ملفات وقضايا تختلف عن سابقتها في المنطقة.