يلتقى الرئيس الإيطالى سيرجيو ماتاريلا اليوم برئيس البنك المركزى الأوروبى السابق ماريو دراجى، المعروف باسم "منقذ اليورو" وذلك من أجل تشكيل حكومة إيطالية جديدة ، بعد أن قدم جوزيبى كونتى استقالته الاسبوع الماضى.
ويعتبر لقبه "منقذ اليورو" أهم ما جعل إيطاليا تلجأ إليه فى الوقت الحالى من أجل انقاذ البلاد من الازمات التى تمر بها وبشكل خاص الازمة الاقتصادية التى تمر بها روما بسب كورونا
وكان قضى ماريو دراجى على رأس البنك المركزي الأوروبي، ثماني سنوات أدار خلالها الخبير الاقتصادي الإيطالي سياسات نقدية ومصرفية تتكئ على الكثير من الحنكة والدراية خاصة خلال أزمة الديون بمنطقة اليورو.
وشغل في السابق منصب محافظ المصرف المركزي الإيطالي وقبل ذلك كان أحد مديري بنك جولدمان ساكس بلندن، وحقق نجاحات هامة على صعيد تخفيض حجم الدين الإيطالي، وأسهم في الإصلاح الاقتصادي في روما.
وكانت منطقة اليورو شهدت فى عام 2012 تراجعا قويا بسبب هزات فى أسواق السندات عملت على توطين مشاعر القلق فى المحافل الاقتصادية لدول اوروبا، حيث ارتفعت تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياتها، حيث قرر دراجى، أن الوقت قد حان لمعالجة هذا الوضع المضطرب.
وفى عام 2014 ، وفيما كان التضخم الاقتصادي يشق طريقه على حساب النمو، أعلن البنك المركزي الأوروبي، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، عن خفض الفائدة على الودائع بمعدل 0.1 % (دون الصفر)، لترتفع بذلك تكلفة الودائع، ما أجبر البنوك على استخدام السيولة في تمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة، حيث ارتفعت مخاطر التمويل في أعقاب الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، مما تسبب في ركن السيولة لدى المصرف المركزي، الذي بدوره أصبحت له نسبة على الأموال المودعة.
في بداية العام 2015، كان دراجى يرى أن التجارة والتعاون الدوليان يواجهان مخاطر بما قد يهدد الإنتاجية بل نمو الاقتصادات المتقدمة، وقال: "عندما تكون السياسة النقدية ميسرة فإن تخفيف اللوائح قد يؤدي إلى تأجيج الاختلالات المالية".
وسياسة التيسير النقدي التى لجأ إليها دراجى جعلت من الخطر تخفيف القواعد المالية، ولم يدلِ دراجي بتعليق على موقف برنامج التيسير الكمي وتوجهات السياسة النقدية لمنطقة اليورو خلال الفترة المقبلة، لكنه ذكر أن المشكلة الأساسية هي كيفية رفع نمو الناتج الإجمالي، وعلى إثر كلمة دراجى صعد اليورو إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين مقابل.
وفى ديسمبر عام 2018، أى قبل ترك دراجى منصبه كرئيس للبنك المركزى الاوروبى ، قرر إنهاء شراء الأصول في إطار برنامج التيسير الكمي، وشكل هذا الإجراء خطوة هي الأكبر في تفكيك برنامج التحفيز بعد عشر سنوات من بدء التباطؤ الاقتصادي بمنطقة اليورو، ومع برنامج التسهيل الكمي تم اعتماده بغرض تعزيز النمو الاقتصادي والتضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، وكان البنك المركزي الأوروبي يهدف إلى ضخ الأموال النقدية من خلال النظام المالي في أيدي الشركات والمستهلكين بشكل يعزز النمو ويرفع التضخم ليصل إلى هدفه بأقل من 2%
وفى سبتمبر 2019، أعلن عن حزمة التحفيزات التي تضمنت أربعة تدابير، خفض أسعار الفائدة، العودة إلى شراء الأصول على نطاق واسع، وعمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل، وإشارات توجيهية مستقبلية أقوى للمستثمرين، وفقا لشبكة يورو نيوز.
وفى السياق نفسه ، قال رئيس مصرف مورجان ستانلي الأمريكي، دومينيكو سينيسكالكو "كالعادة، هذا البلد يختار أفضل الرجال في أصعب اللحظات، لأن ماريو دراجي ، رئيس البنك المركزى الاوروبى السابق ، مزيج فريد من الخبرة والقدرة الفنية والسياسية"، وذلك فى إشارة إلى نية الرئيس الإيطالى سيرجو ماتاريلا بتكليف دراجى تشكيل حكومة تقنية.
وأضاف سينيسكالكو، في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبيكا" اليوم الأربعاء، أن دراجي "طور مواهبه خلال 30 عامًا من خلال إنشاء شبكات ضخمة من الثقة والتوافق أوروبا والعالم"، إنه "رجل تقنى وسياسى على مستوى أوروبا والعالم: هذا هو المعنى الحقيقي للاختيار، ولا يمكن أن يكون هناك خيار أفضل".
وتابع نائب رئيس المصرف الأمريكي، إنه دراجي في وضع فريد يتمثل بالقدرة على فعل ما يؤمن به: أيضًا لأنه في ولايته للبنك المركزي الأوروبي اكتسب مكانة فريدة، بعد أن نجح بجلب ألمانيا وجميع الدول الأوروبية إلى مواقف لم يكن من الممكن حتى تصورها".
وأضاف "ثم يبدو لي أن جدول الأعمال محدد: من ناحية التدابير قصيرة المدى للوصول إلى نهاية لحالة طوارئ الوباء في أقرب وقت ممكن، ومن ناحية أخرى خطة التعافي لإعادة تخصيص الموارد".
وذكر سينيسكالكو أن "من بين الأمور الأخرى، سيكون دراجي رئيسًا ممتازًا لمجموعة العشرين التي بدأت رئاستها الدورية الإيطالية للتو، ولن ينسى بالتأكيد قضايا المساواة والشمولية".
وأوضح أنه لدعم دراجي، "سيكون هناك كثيرون في البرلمان الحالي: يسار الوسط، جزء من حركة خمس نجوم، ونصف يمين الوسط صريحون معه". واختتم بالقول "بالتالي سيكون لديه تفويض مطلق، بدءًا من إختيار الوزراء والبرنامج".