عززت المناظرة الثانية للمرشحين على خلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فرصة فوز المرشح الاشتراكى الديمقراطى أولاف شولتز على حساب أرمين لاشيت، حسب استطلاعين للرأى أجريا فور انتهاء المناظرة الثانية التى أجريت مساء أمس، ليتبقى مناظرة أخيرة قبل 3 أيام من الانتخابات المنعقدة نهاية سبتمبر الحالى .
وناقشت المناظرة الكثير من القضايا الجوهرية، بما فى ذلك سياسات الأحزاب بشأن الإسكان والصحة والمعاشات التقاعدية والضرائب والهجرة، ودافع المرشح أرمين لاشيت عن قرار ميركل عام 2015 بترك حدود ألمانيا مفتوحة لمئات الآلاف من الفارين من الحرب والاضطهاد فى سوريا وأماكن أخرى، لكنه رفض التبرؤ من مرشح أثار استقطاب أعضاء فى حزبه بتعليقات معادية للمهاجرين.
وأظهر استطلاع رأى أن 41% ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن شولتز كان الأكثر إقناعا مقابل 27% للاشيت و25% لمرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك، وبهذه النتيجة يمكن للمرشح الاشتراكى شولتز أن يعزز حملته لخلافة ميركل فى الانتخابات التى تجرى خلال أسبوعين.
ومؤخرا أظهرت استطلاعات للرأى تقدم الحزب الاشتراكى الديمقراطى على المحافظين وقد تجاهل مرشحه شولتز، وزير المالية الحالي، انتقادات أرمين لاشيت لسجله فى معالجة غسل الأموال وما إذا كان سيتحالف مع اليسار الألماني، بينما رد عليه شولتز بأريحية واضحة متهمًا إياه بأنه "يحرف الحقائق"، ونفى أولاف شولتز من حزب الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط، والذى يشغل حاليًا منصب وزير المالية الألماني، أن يكون مكتبه يخضع لتحقيق مباشر من قبل المدعين العامين الذين أجروا عمليات بحث الأسبوع الماضى فى وزارتى المالية والعدل فى البلاد.
وعلى الرغم من رؤية حزبها يتراجع فى استطلاعات الرأي، امتنعت مرشحة حزب الخضر أنالينا بربوك إلى حد كبير عن الهجمات الشخصية على منافسيها وركزت بدلاً من ذلك على قضايا العدالة الاجتماعية وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وقالت بربوك: الحكومة التالية هى الأخيرة التى لا يزال بإمكانها التأثير بشكل فعال على أزمة المناخ، مشيرًا إلى أن ألمانيا بحاجة إلى تقديم موعدها النهائى للتخلص التدريجى من الفحم من عام 2038 إلى عام 2030.
وأظهر استطلاع للقناة الأولى الألمانية (ARD) تم إجراؤه بعد فترة وجيزة من المناظرة التى استمرت 90 دقيقة أن 41 % ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن شولتز كان الأكثر إقناعا مقابل 27 % للاشيت و25 % لمرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك، كما انتهى استطلاع القناة الثانية لنتيجة مشابهة.
وتحولت أول انتخابات عامة فى حقبة ما بعد ميركل إلى منافسة محمومة غير متوقعة فى أكبر اقتصاد فى أوروبا. وأظهرت استطلاعات الرأى أن تأييد الناخبين لتكتل يمين الوسط الذى تنتمى إليه ميركل ويجمع الاتحاد الديموقراطى المسيحى والاتحاد الديموقراطى الاجتماعى فى بافاريا قد تراجع إلى مستويات دنيا تاريخية بنحو 20 %، ما أفسح المجال أمام الحزب الاشتراكى الديموقراطى ليتقدم بنحو 26%، أما حزب الخضر فقد حقق نسبة 15 %، فاتحًا جميع الاحتمالات لتشكيل ائتلافات، لكن مراقبين يعتبرون أن فرص فوز لاشيت المتصدر آخذة فى التلاشى بسرعة.
وبدأت أسهم لاشيت رئيس وزراء ولاية فيستفاليا ـ شمال الراين بالتراجع بشكل كبير بعد ارتكابه سلسلة من الأخطاء والسقطات بينها التقاط صورة له وهو يضحك أثناء تكريم ضحايا الفيضانات القاتلة التى ضربت ألمانيا فى يوليو الماضى، وفى مقابل ذلك قام شولتز الذى يوصف فى كثير من الأحيان بأنه "بوكر فيس" ولا يتمتع بالكاريزما بحملة خالية من الأخطاء، وبصفته نائبا للمستشارة ووصيا على الشؤون المالية للبلاد، نصب شولتز البالغ 63 عاما نفسه الوريث الطبيعى لإرث ميركل ومرشح الاستمرارية، رغم انتمائه إلى حزب منافس.
وكتبت مجلة "دير شبيجل" الأسبوعية أن التحالف المحافظ الذى هيمن على سياسة ألمانيا بعد الحرب يواجه الآن "كارثة تاريخية" فى 26 سبتمبر.
وقلل لاشيت من أهمية مناظرة الأحد قائلا إن المعركة على المستشارية ستستمر حتى يوم الاقتراع، لكن قد يتقرر مصير لاشيت فى وقت أقرب بسبب توقع أرقام قياسية للتصويت عبر البريد جراء كوفيد، وعلى الرغم من أن لاشيت لديه سجل حافل فى انتزاع انتصارات غير متوقعة فى اللحظة الأخيرة، إلا أن مجلة دير شبيغل "لم ترجح" هذا الأمر هذه المرة.
كما شن المحافظون هجوما على شولتز واتهموه بركوب موجة ميركل فى محاولة لتوجيه ألمانيا إلى اليسار. وحتى ميركل التى كانت قد تعهدت بعد 16 عاما فى السلطة بالبقاء خارج المعركة الانتخابية عادت لتنضم إلى المعركة الانتخابية، فقد اصطحبت لاشيت معها خلال زيارة تفقدية للمنطقة التى ضربتها الفيضانات واستغلت خطابا لها فى البرلمان هذا الأسبوع لتصوره على أنه الخيار الأفضل لخلافتها، قائلة إنه يؤيد "الاستقرار" و"الوسطية".
كما نأت المستشارة التى لا تزال تتمتع بشعبية كبيرة بنفسها من شولتز، منتقدة إياه لعدم استبعاده بشكل قاطع إقامة تحالف مع حزب اليسار الألمانى الذى ينادى بحل حلف شمال الأطلسى ،ونظريا من الممكن أن يشكل جزءا من تحالف ثلاثى مع الحزب الاشتراكى الديموقراطى وحزب الخضر.
وسينتخب ما يزيد قليلاً عن 60 مليون ألمانى برلماناً جديداً فى 26 سبتمبر، وسيسعى الحزب الذى يتمتع بأكبر عدد من المقاعد إلى تشكيل حكومة ائتلافية وينتخب المشرعون مرشحه كمستشار من قبل المشرعين.