اعتبرت صحيفة ذا هيل الامريكية، أن خروج الولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرة طالبان على أفغانستان مجددا، إنما حقق لإيران نصرا معنويا وإن لم يكن نصرا استراتيجيا على الأرجح.. فالأحداث الأخيرة فى أفغانستان ليست سوى أحدث تسارع وراء الزخم الجيوسياسي لإيران من السنوات الست الماضية.. وعلاوة على ذلك، فمنذ عام 2011 نما عدد سكان إيران بأكثر من 10 ملايين وتضاعفت عائدات الحكومة المركزية أربع مرات على الرغم من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطتين مئويتين.
وتشير هذه العلامات الباعثة للقلق إلى وجود حكومة إيرانية غير مقيدة وأكثر قدرة على تعطيل النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.
وقالت الصحيفة -في مقال للرأي أودرته على موقعها الاليكتروني اليوم الخميس- إنه مع بدء محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة مرة أخرى، سيسعى الإيرانيون بلا شك للحصول على تنازلات بعيدة المدى من واشنطن على الصعيد النووى.
وارتأت الصحيفة أن موقف طهران التفاوضي قوي.. ووعد الرئيس جو بايدن بالعودة إلى الشروط الأصلية لخطة العمل الشاملة المشتركة في حال كان مطمئنا إلى امتثال إيران، مشيرة إلى أن إعادة إحياء الصفقة وخفض العقوبات التي تنطوي عليها يمكن أن يزيد من قوة قبضة النظام الإيراني بينما تمارس طهران نفوذا غير مسبوق في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أنه للتعامل مع هذه الحقائق القاسية، ستميل مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية إلى ممارسة ضغط عسكري أو عقوبات إضافية لاحتواء التهديد.. ومع ذلك ، فإن العودة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط أو تطبيق الإكراه الاقتصادي العشوائي سيكون له نتائج عكسية.
وأضافت أنه بدلا من ذلك، يجب أن تسعى إدارة بايدن إلى احتواء العدوان الإيراني مع دفع الشرق الأوسط نحو توازن أكثر سلمية في السنوات المقبلة. وسيتطلب القيام بذلك تطبيق أدوات مختلفة للقوة الأمريكية، بعضها على نطاق أوسع من البعض الآخر. أو بعبارة أخرى، يتعين على الولايات المتحدة أن تساعد في إدارة القوة المتنامية لإيران- ولكن بمسؤولية ودون الوقوع في نفس فخ الشرق الأوسط الذي عاشته على مدى ثلاثة عقود.
أما على الصعيد النووي، فقد رأت الصحيفة أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتفاوض مع إيران فقط بشروط مواتية لمصالح الولايات المتحدة..إ ذ يتطلب القيام بذلك، استراتيجية مضادة دقيقة ومتعددة الأوجه، وليس ما وصفته ب"التفاني الفاضح والفريد لضغط العقوبات" الذي كان قصير البصيرة بشكل عام وكان له أعداء أكثر من الأصدقاء. فمن المؤكد أن جزرة تخفيف العقوبات أثبتت أنها ورقة مساومة موثوقة؛ فقد جذبت إيران إلى طاولة المفاوضات في المقام الأول عام 2015. وقد يتكرر ذلك في الوقت المناسب. غير أن العقوبات -في حد ذاتها- ليست الدواء الشافي لاحتواء الميول العدوانية للنظام الإيراني أو طموحاته النووية في هذا النموذج الجديد، ووصفت، الاعتماد على العقوبات فقط لتشكيل سلوك طهران في ضوء التغيرات الهيكلية الجارية في الشرق الأوسط، بالمهمة الحمقاء.
ومضت الصحيفة في تقريرها قائلة إنه يتعين على الرئيس بايدن الامتناع عن إحياء السياسات الرجعية في الشرق الأوسط. وعليه أن ينسج خطة العمل الشاملة المشتركة في استراتيجية جريئة وجديدة تجاه الشرق الأوسط تتمحور حول القوة الناعمة، ويكمن الهدف من وراء ذلك في إبعاد الشركاء عن فلك النظام الإيراني وتوسيع جاذبية أمريكا مع تجنب المواجهة غير الضرورية مع طهران. وربما تستلزم إستراتيجية القوة الناعمة إنشاء جامعات أمريكية جديدة في بلاد الشام، أو إبرام اتفاقيات لتقاسم العمالة مع العالم العربي .
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إنه رويدا رويدا، ستؤتي هذه السياسات - أو سياسات مماثلة - ثمارها. وسوف تحسن سمعة أمريكا على حساب إيران. إن تعزيز الفرص الاقتصادية البناءة وإعادة بناء الثقة هو ما ترغب به الولايات المتحدة والعالم العربي الآن. لقد قدمت الولايات المتحدة أكثر من 500 ألف لقاح ضد كوفيد-19 إلى العراق في الصيف الماضي، على سبيل المثال، مما وضع أساسا يمكن للخبراء الطبيين والدبلوماسيين الأمريكيين تقديم المشورة والمساعدة لإدارة الوباء الإقليمية مع إعادة تصوير الولايات المتحدة في صورة أكثر إيجابية ، ما بعد أفغانستان. فالأمريكيين - والعالم - بحاجة إلى المزيد من هذه الخطوات.