مع دخول جائحة كورونا عاملها الثالث ووسط ارتفاع الإصابات خاصة بمتحور أوميكرون، يبدو أن تداعيات الوباء وأثاره لم تتوقف على الإصابات أو الخسائر الاقتصادية بل أظهرت دراسات تزايد معدل التدخين واستهلاك الكحول فى بعض البلدان الأوروبية منذ تفشى الوباء.
ففى بريطانيا، كشفت دراسة نشرتها مجلة Addiction أو (الإدمان) فى أغسطس عن أنه منذ فرض الإغلاق لأول مرة تزايد تعاطى الكحول بشكل كبير بنسبة 40 %عن معدلات ما قبل الجائحة إذ تم تصنيف قرابة 4.5 مليون بالغ باعتبارهم يستهلكون الكحول بمعدل خطير.
وحذر مؤلفو الدراسة من أن هذا الأمر كان مقلقا خاصة بين النساء إذ وصلت النسبة 55% كذلك بين الفئات ذات أوضاع اقتصادية واجتماعية متدنية بنسبة تجاوزت 64%.
ووفقا للدراسة فإن أكثر من 652 ألف شاب وشابة بدأوا فى التدخين خلال موجة الإغلاق الأولى.
ولم يتوقف الأمر على بريطانيا إذ دقت المجلة الأوروبية للصحة العامة ناقوس الخطر إزاء تزايد هذه الظاهرة فى القارة الأوروبية.
فقد كشفت الدراسة التى نشرت فى أكتوبر الماضى عن تزايد تدخين التبغ بين المدخنين الحاليين فى فرنسا بنسبة قاربت على 27 % منذ فرض السلطات الفرنسية الإغلاق العام لأول مرة فى مارس عام 2020.
وذكرت الدراسة أن نسبة انخفاض معدل التدخين بين المدخنين بلغت 19 %.
ويبدو أن فئة الشباب وصغار كانت الأكثر تضررا إذ ارتبط معدل زيادة التدخين بمن تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاما ممن يعانون من قلق خاصة بين الحاصلين على مستوى عال من التعليم.
أما فيما يتعلق بتعاطى الحكول، فقد أبلغ ما يقرب من 11% من مستهلكى الكحوليات عن زيادة فى التعاطى منذ الإغلاق فيما بلغت نسبة الانخفاض 24.4 %.
وكشفت الدراسة عن ارتباط تزايد استهلاك الكحول بالفئة العمرية من 18 إلى 49 عاما.
ويبدو ألمانيا هى الأخرى شهدت زيادة فى معدل التدخين حيث لا يزال يُسمح ببعض الإعلانات التى تروج للسجائر.
وفى ذلك، أفادت دراسة ألمانية أن 31% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 14 عاما باتوا مدخنين فى الوقت الحالى مقارنة بنسبة بلغت 27 % نهاية عام 2019.
وعلى إثر ذلك، أظهرت الدراسة أن التدخين يفتك بحياة قرابة 120 ألف شخص سنويا فى ألمانيا فيما كانت المفارقة أن هذا العدد يتساوى مع الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء كورونا فى ألمانيا منذ تفشى الوباء قبل عامين.
أما فيما تعاطى الكحوليات فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أنه يتسبب فى وفاة ثلاثة ملايين شخص فى العالم سنويا فضلا عن الآثار الصحية السلبية بعيدة المدى لاستهلاك الكحول.
فقد يؤدى الإفراط فى استهلاك الكحول بمرور الوقت إلى الإصابة بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكبد وضعف الجهاز المناعى فضلا عن مشاكل عقلية أو حتى الإصابة بالسرطان، وفقا لما ذكرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فى الولايات المتحدة التى تُعرف اختصارا بـ "سى دى سي".
وأفادت منظمة الصحة العالمية أن التدخين يتسبب فى زيادة معدل الوفيات أكثر من أى وقت مضى حيث يفتك بحياة 8 ملايين شخص سنويا بما فى ذلك 1.2 مليون من ضحايا التدخين السلبي.
وأضافت المنظمة أن أكثر من 1.3 مليار مدخن أى ما يشكل أكثر من 80% من المدخنين يعيشون فى البلدان ذات دخول منخفضة أو متوسطة.
ورغم قيود كورونا وتدابير الإغلاق العام التى أثرت على ارتياد الحانات والملاهى الليلية، إلأ أن استهلاك الكحول تزايد فى ألمانيا بين فئة الشباب، وفقا لما أشار إليه الطبيب فالك كيفر الذى يرأس الجمعية الألمانية لأبحاث وعلاج الإدمان.
وأضاف فى مقابلة نقلتها دويتش فيله، تزايد تعاطى الكحول بين الأشخاص الذين اعتادوا على استهلاكه بانتظام فى المنزل وذلك فى محاولة منهم للتغلب على الشعور بالوحدة أو الملل أو القلق، لقد تزايد معدل استهلاكهم فى الوقت الحالى بعد الجائحة.