كشفت وزير الدفاع الفرنسية فلورينس بارلى عن أن بلادها طورت أقمارا صناعية جديدة تستخدم لأغراض دفاعية على ارتفاعات هائلة، وقادرة على رصد كل بقعة على الكرة الأرضية، وتتمتع بقدرات خاصة تمكنها من تلافى التشويش أو التعطيل، أو التعرض لهجمات صاروخية من الأرض أو الفضاء.
جاء ذلك في مقال للوزيرة الفرنسية نشرته مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية للعام الجديد 2022، استقطب أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.
وانتقدت الوزيرة التجربة الصاروخية الروسية الأخيرة لاستهداف قمر صناعي في الفضاء، ووصفتها بأنها "تجربة طائشة"، ودعت إلى تفعيل قوانين أممية لضمان السلوك المنضبط في الفضاء.
وقالت بارلي إن بلادها طورت قمرين صناعيين؛ وهما (سيراكوس) و(سيريز)، وأنهما يقعان على مسافة تزيد على مئات الآلاف من الكيلومترات، وهما يساعدان فرنسا على أن تخطو خطوة جديدة في الدفاع عن مواطنيها".
وأضافت الوزيرة أن (سيراكوس) يمثل حجر زاوية لسيادتنا، فهذا القمر الصناعي يتيح للجيش الفرنسي قدرات تشغيل وتبادل ملايين الجيجابايت من المعلومات في وقت متزامن، وفي زمن تترابط فيه قوى الحرب ويشهد رقمنة جبهات القتال، فإن مثل تلك القدرات ضرورية للغاية.
وتابعت: أنه بدون (سيراكوس)، فما كان للجيش الفرنسي أن يتمكن من تنفيذ "عملية هاميلتون" لتدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا عام 2018، متابعة: "آنذاك، كان هناك قمران صناعيان؛ وانضم إليهما الثالث في أكتوبر 2021.
واستطردت: أنه بالنسبة للقمر (سيريز)، الذي استقر في نوفمبر 2021، فقد أتاح لفرنسا أول قدرات مراقبة كهرومغناطيسية في الفضاء، وهو الأول في أوروبا، بمعنى واضح، سيكون من الممكن متابعة أي جزء من الكرة الأرضية، وأياً كانت حالة الطقس- حتى مع تراكم السحب والغيوم- فإنه سيرصد أي مادة تبث موجات كهرومغناطيسية، سواء كان رادار دفاعات جوية، أو مركبة مسلحة تتواصل مع غيرها من المركبات أو مع الجنود عبر أجهزة اتصالات لاسلكية.
وأشارت إلى أن الأقمار الجديدة تتمتع بخصوصية؛ فقد صممت لمقاومة أي هجمات عسكرية من الأرض أو الفضاء، علاوة على مقاومتها للتشويش، قائلة: "لاحظنا في الماضي، أقمارا صناعية أجنبية تركز عملياتها على اختراق وتجسس الأقمار الأخرى.. ولم نكن وحدنا في ذلك؛ فهناك 8 دول أخرى، من بينها أوروبية، لاحظت تلك الظاهرة".
وأضافت الوزيرة الفرنسية أنه "إذا كان الفضاء مثّل في الستينيات حدوداً جديدة، فإنه بلا شك، بات في وقتنا الراهن يشكل جبهة جديدة في ميدان المعارك.. واليوم، أصبح الفضاء ركناً جوهرياً من دفاعنا، فعمليات توقع المناورات والتخطيط لها، وتحديد مواقع العدو، وتوجيه القوات على الأرض، والاتصالات: ليس هناك إشارة واحدة من عملياتنا يمكن أن تحدث دون قدرات فضائية.. فالعمل في الفضاء وعبره هو هدفنا.. لهذا السبب، صمم الرئيس إيمانويل ماكرون على أن يقدم لفرنسا استراتيجية دفاع فضائي حقيقية".
وطالبت بارلي أوروبا بأن تتبنى هذه القضية، مضيفة: "سنكون مستعدين لتقديم الدعم ومشاركة رؤيتنا وخبراتنا معها في هذا المجال. من الضروري أن تكون الدول قادرة على السيطرة على المخاطر.. ومن الضروري أن نواصل الدفاع بحرية الوصول إلى الفضاء وأن نحتفظ بقدرتنا على ذلك.. في تلك المسألة فإن مسألة استقلالنا تكون على المحك، كما أن حرية تقديرنا ووصولنا وعملنا في الفضاء ستكون على المحك".
وتابعت وزيرة الدفاع الفرنسية أنه في ضوء استعدادات فرنسا لترأس مجلس الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام 2022، فإن تحقيق المشتركات الاستراتيجية، ولاسيما بالنسبة للفضاء الخارجي، ستدرج على جدول الأعمال.. كما أنها مسألة نريد أن نطرحها على "الناتو"، الذي أعاد تنظيم الفضاء باعتبارها جبهة العمليات الخامسة في عام 2019.. وسيقع المقر المستقبلي للإبداع الفضائي التابع لـ"الناتو" في مدينة تولوز الفرنسية.