في مثل هذا اليوم 5 مارس عام 2013 توفى الرئيس الفنزويلى هوجو تشافيز عن عمر ناهز 58 عاما بعد صراع مع المرض، ليدخل التاريخ كأحد أكثر زعماء أمريكا اللاتينية إثارة للجدل، فمؤيدوه كانوا يلقبونه ببطل الفقراء فى حين اعتبره خصومه مستبدا، أما هو فقد كان يفضل تسمية الجندى الثائر، بطل حركات الاستقلال فى أمريكا الجنوبية.
نبذة على حياة تشافيز
ولد هوجو تشافيز فى 28 يوليو 1954، وعاش طفولة سعيدة فى سابانيتا وهى قرية تقع فى جنوب فنزويلا. كان والداه مدرسين وعاش مع أشقائه وجدته. اهتم تشافيز طيلة فترة المراهقة بفنون الرسم قبل أن يغرم برياضة كرة القدم الأمريكية.
لم يستطع تشافيز إكمال دراسته فى العاصمة الفنزويلية كاراكاس لأسباب مادية، فاختار فى السابعة عشر من عمره الالتحاق بالأكاديمية العسكرية ليتخرج منها بعد أربع سنوات برتبة ملازم، متأبطا بندقية وكتابا لتشى غيفارا كما يقول تشافيز نفسه.
ثم التحق تشافيز بجامعة سيمون بوليفار فى العاصمة الفنزويلية كاراكاس لنيل إجازة فى العلوم السياسية إلا أنه لم يحصل على هذه الشهادة.
نضج وعى هوجو تشافيز السياسى خلال فترة المراهقة بفضل لقاءاته السياسية –شقيقه أسس فى 1972 الحركة البوليفارية الثورية- وبفضل قراءاته لكارل ماركس وسيمون بوليفار. وخلال أدائه للخدمة العسكرية، كون تشافيز فى 1982 الحركة البوليفارية الثورية 200، ذات التوجه الاشتراكي
شهدت فنزويلا فى النصف الثانى من ثمانينات القرن الماضى أزمة اقتصادية خانقة. وأدت سياسة التقشف فى فبراير 1989 إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل حاد وإلى خروج مظاهرات فى كاراكاس وامتناع عدد كبير من الناخبين عن المشاركة فى الانتخابات المحلية. وحاول هوغو تشافيز فى هذا السياق وعلى رأس حزبه القيام بانقلاب فى 4 فبراير 1992 وكان على رئيس فنزويلا آنذاك كارلوس أندريس بيريز إلا أن محاولته باءت بالفشل وسجن على إثرها لمدة سنتين. ودعا من زنزانته إلى انتفاضة جديدة لقيت نفس المصير.
فى 1994، حصل هوجو تشافيز على عفو رئاسى منحه له الرئيس رافايل كالديرا فور وصوله إلى السلطة. وبعد ثلاث سنوات أسس تشافيز نسخة سياسية من حزبه "الحركة البوليفارية الثورية" سماه حركة الجمهورية الخامسة". ما أعطى هذا الحزب طابعا سياسيا بعد أن كان عسكريا.
وفى 1998 فاز تشافيز فى الانتخابات الرئاسية الفنزويلية بـ56 بالمئة من الأصوات ورفع خلال حملته الرئاسية شعارا يساريا "عدو الأغنياء بطل الفقراء". وكان انتخاب تشافيز بداية لصعود الأحزاب اليسارية فى أمريكا اللاتينية.
ومنذ وصول تشافيز إلى سدة الحكم فى بلده، لم يغادرها أبدا. حيث أعيد انتخابه بنسبة تفوق 60 بالمئة من الأصوات عامى 2000 و2006. إلا أنه واجه خطر الإزاحة من الحكم بفعل انقلاب كاد يقصيه من رئاسة البلاد، حين قام رئيس غرفة التجارة بيدرو كارمونا باستغلال الأوضاع الاقتصادية المأساوية فى البلاد بعد انهيار أسعار البترول مدفوعا بدعم من خصوم تشافيز للانقلاب على الرئيس.
ففى 11 أبريل 2002 وخلال مظاهرة للمعارضة تم قمعها وقتل خلالها 15 شخصا، تم اعتقال هوغو تشافيز من قبل عسكريين. كما تم تعيين حكومة جديدة واستلم بيدرو كارمونا مقاليد الحكم لمدة 48 ساعة فقط قام خلالها أنصار شافيز بمساعدة الحرس الجمهورى بالانقلاب عليه وإعادة تشافيز إلى الحكم، وتمكن هوجو تشافيز من النجاة من سيناريو الانقلاب وثبت نفسه فى منصب رئيس الجمهورية خلال استفتاء فى 15 أغسطس 2004.
منذ بداية حكمه قام تشافيز بثورة ذات توجه اشتراكى وحقق إصلاحات مؤسساتية، وقام بتمرير استفتاء لتغيير الدستور، قبل إعادة انتخابه فى يوليو 2000. وبعد ذلك بست سنوات أعلن تشافيز عن تنظيم استفتاء دستورى لرفع عدد الولايات الرئاسية والنص على الاشتراكية فى الدستور وبتعليق حرية الصحافة فى حالة الطوارئ. إلا أن هذه القرارات رفضها الفنزويليون بنسبة 50.7 بالمئة.
وفى 2007 كوّن تشافيز حزبا اشتراكيا موحدا يضم كل الهياكل السياسية التى تساند الثورة البوليفارية أطلق عليه "الحزب الاشتراكى الموحد لفنزويلا".
خلال 12 عاما من الحكم قام هوجو تشافيز بانتهاج سياسة التأميم (مؤسسات الكهرباء والاتصالات وحقول النفط)، وإعادة توزيع الأراضى على المزارعين ووضع برامج اجتماعية خاصة فى التعليم (حيث اندثرت الأمية فى فنزويلا بحسب اليونسكو) والصحة (شحنات البترول مقابل 20000 طبيب كوبي). إلا أنه خلال صيف 2009 قام تشافيز بإغلاق 34 إذاعة وتلفزيون فى فنزويلا.
استغل تشافيز كل الفرص للتوجه بخطابات إلى الشعب الفنزويلي، وكل أسبوع كان يخاطب الشعب خلال برنامج اسمه "ألو يا رئيس" وأحيانا كان يقوم خلال هذا البرنامج بالرقص والغناء. وصمم تشافيز على الترويج لرؤيته الثورية التى كان يتقاسمها مع الرئيس الكوبى فيدل كاسترو الذى اعتبره "الأب الروحي" كما كان يحرص على ذم السياسية الليبرالية الجديدة التى تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان صرح خلال حكم جورج بوش الابن "دعوا كلاب الإمبراطورية تنبح، فهذه مهمتهم، أما نحن فنقاوم لتحرير شعبنا".