قالت مجلة "ميليترى ووتش" الأمريكية إن صورا لأقمار صناعية أظهرت شروع كوريا الشمالية فى خطوات عملية لإنشاء مفاعل نووى جديد، ويأتى ذلك عقب قيام حكومة بيونج يانج فى الآونة الأخيرة بإجراء عدد من التجارب الصاروخية المثيرة للجدل، والتي ألمحت المجلة إلى أنها قد تكون بمنزلة أوراق ضغط لحث واشنطن على العودة إلى المفاوضات.
كانت كوريا الشمالية قد اختبرت أخيرا نوعيات جديدة من الصواريخ الباليستية، من بينها إطلاق صاروخ تكتيكي فرط صوتي ينطلق من على متن مركبة برية، وهي أول دولة بعد الصين تطلق تلك النوعية من الصواريخ، كما أنها قامت بإجراء أول تجربة لصاروخ باليستي عابر للقارات منذ توقفها عن التجارب الصاروخية في عام 2017.
ورأت المجلة المعنية بالشؤون العسكرية أنه بينما قد ينظر إلى أن الهدف من وراء إنشاء المفاعل الجديد تقليص أو إنهاء العجز الحاد الذي تعانيه البلاد في الكهرباء، في ظل معاناة العديد من المدن الكورية، بخلاف بيونج يانج العاصمة، من انقطاع التيار الكهربي بصورة متكررة منذ فرض الأمم المتحدة عقوبات على واردات الوقود إلى كوريا الشمالية منذ عام 2017، ومن المرجح أن تستخدم كوريا الشمالية المفاعل الجديد لزيادة قدراتها لإنتاج مواد نووية مخصبة لزيادة ترسانتها من الأسلحة النووية.
يقع مقر المفاعل الجديد في موقع "يونجبيون" النووي، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تلقيه ضربات جوية من إدارة كلينتون في تسعينيات القرن الماضي، وكان جزءاً محورياً من البرنامج النووي الكوري الشمالي منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
وقد عاين الخبير في "معهد ميدلبوري"، البروفيسور جيفري لويس، صور الأقمار الصناعية واعتبرها "أول دليل قاطع لا يشوبه الغموض بأن كوريا الشمالية تتجه لاستكمال المفاعل".
وتابع قائلاً إن الجهود في موقع "يونجبيون" تتضمن "ربط وصلات وحدة التبريد الثانوية لمفاعل ذي قدرة 50 ميجاوات بغرف المضخات الموجودة على النهر، وفي صورة تعود إلى 20 أبريل الماضي، ظهرت معدات التشييد، مثلما بدت في المشهد نوعيات من الأنابيب، وبحلول 7 مايو (الجاري)، دفنت كوريا الشمالية الأنابيب".
وأشار البروفيسور لويس إلى أن "ربط وصلات وحدة التبريد تفسر لنا أنشطة أخرى جرت في السنوات الأخيرة في مفاعل 50 ميجاوات، ويوحي ربط وحدة التبريد الثانوية، أن عملية تدمير مبنى الوقود النووي المستنفد كان إشارة مبكرة إلى أن كوريا الشمالية تعتزم العودة لإتمام بناء المفاعل، وهو ما أدركناه متأخراً".
وقدر البروفيسور لويس المساحة التقريبية للمفاعل الجديد بنحو 10 أمثال المفاعل الذي يعمل حالياً في موقع "يونجبيون" النووي، مبرزاً أنه سيكون قادراً على مضاعفة ناتج البولوتونيوم المخصب بعشرة أضعاف وسيصب ذلك في نهاية المطاف لتعزيز برنامج السلاح النووي الكوري.
وأضافت" نظرياً، تعد كوريا الشمالية في حالة حرب مع الولايات المتحدة منذ ما يزيد على 70 سنة، ويُعتقد أن لديها حالياً أكثر من 60 رأس نووي، وترى الاستخبارات الأمريكية أن بيونج يونج تمكنت من إتمام أول رأس نووي لها في مطلع عام 1994.
وتلمح المجلة في ختام متابعتها إلى أنه ربما يبقى وراء تشييد بيونج يانج لمفاعلها النووي الجديد احتمال آخر يتمثل في ممارسة المزيد من الضغوط على واشنطن لحثها على العودة إلى مائدة التفاوض ببنود أكثر قبولا وقابلة للتحقق تؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الأمم المتحدة مقابل تجميد بيونج يانج تشييد المفاعل الجديد إضافة إلى تقديم تنازلات أخرى.