بعد مجزرة تكساس وسقوط 21 قتيلا بينهم 19 تلميذا على يد مراهق لا يتجاوز عمره 18 عاماً، حيث حددت الشرطة المشتبه به في حادث إطلاق النار، وهو سلفادور راموس البالغ من العمر 18 عامًا، والذى قتل على يد الشرطة التى وصلت إلى مكان الحادث.
وذكرت فى بيان أنه "أطلق النار وقتل - بشكل مروع وغير مفهوم، ما أسفر علي قتل 14 طالبًا في حينها، وقتل مدرسًا"، موضحاً أن راموس استخدم مسدس وبندقية محتملة، ويقول المسؤولون إن المدرسة كان بها طلاب في الصفوف الثاني والثالث والرابع.
في هذا الإطار، وجب أن نعرف لماذا انتشرت حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة خلال الفترة الآخيرة بهذا الحد، ففى نفس السياق أظهر تقرير نشرته وزارة العدل الأمريكية، بحسب "فرانس برس" أنّ شركات تصنيع الأسلحة النارية فى الولايات المتّحدة أنتجت خلال السنوات العشرين الماضية أكثر من 139 مليون قطعة سلاح نارى مخصّصة للبيع للأفراد، بينها 11.3 مليون قطعة أنتجت فى سنة 2020 لوحدها.
وأضاف التقرير الوزارى أنّه فى الفترة نفسها استوردت الولايات المتّحدة 71 مليون قطعة سلاح نارى وصدّرت 7.5 مليون قطعة فقط، فى أرقام تعكس الكمّ الهائل للأسلحة النارية المتوفّرة فى البلاد والذى ساهم فى تصاعد أعمال العنف المسلّح وجرائم القتل وعمليات الانتحار.
وفى الواقع فإنّ قطاع صناعة الأسلحة النارية زاد أضعافاً خلال عقدين من الزمن، إذ إنّ عدد شركات صناعة السلاح العاملة فى الولايات المتّحدة زاد من 2222 شركة فى العام ألفين إلى 16,936 شركة فى العام 2020، وفق التقرير.
بدوره قفز الإنتاج السنوى للأسلحة النارية المخصّصة للبيع التجارى من 3.9 مليون قطعة فى العام ألفين إلى 11.3 مليون قطعة فى العام 2020، علماً بأنّ هذا الرقم بلغ ذروته فى العام 2016 بتسجيله 11.9 مليون قطعة سلاح.
وأظهر التقرير أنّه إذا كان الأمريكيون يفضّلون الأسلحة النصف آلية، النوع الذى استُخدم فى تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار الجماعية، فإنّ الغالبية العظمى منهم اشترت مسدسات نصف أوتوماتيكية من عيار 9 ملم،وهو سلاح زهيد الثمن ودقيق التصويب وسهل الاستخدام ويشبه السلاح الذى تستخدمه الشرطة.
من جهته أخرى، تواجه السلطات الأمريكية زيادة فى الأسلحة "الشبحية"، وهى عبارة عن مسدسات أو بنادق تباع أجزاء مفكّكة ويمكن صنعها فى المنزل مقابل بضع مئات من الدولارات كما يمكن شراء بعض أجزائها عبر الإنترنت أو إنتاجها بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد.
وخلافاً للأسلحة النارية التى تنتجها مصانع السلاح فإنّ هذه الأسلحة الشبحية لا تحمل أرقاما تسلسلية، الأمر الذى يجعل تقفّيها مهمة شبه مستحيلة (ومن هنا اسمها)، كما أنّ بيعها وشراءها لا يحتاج إلى ترخيص كونها لا تباع كاملة بل أجزاء مفكّكة وبالتالى لا تُعتبر سلاحاً كاملاً.
وبما أنّ مشترى هذا النوع من الأسلحة لا يحتاجون لرخصة حمل سلاح، فهم لا يخضعون للقيود المفروضة على مشترى الأسلحة النارية التقليدية مثل صحيفة السوابق والأهلية العقلية والنفسية.
وبحسب التقرير، فإنّ عدد "الأسلحة الشبحية" التى صادرتها الشرطة الأمريكية فى 2021 بلغ 19,344 قطعة سلاح مقابل 1,758 قطعة فى 2016.
وفى أبريل، شدّد الرئيس جو بايدن القواعد المتعلّقة بهذا النوع من الأسلحة، إذ أصبح تجّارها مجبرين على التدقيق بصحيفة سوابق الزبون كما أصبح مصنّعوها ملزمين بحفر رقم تسلسلى على كلّ جزء من الأجزاء الرئيسية المكوّنة لها.
وقالت نائبة وزير العدل ليزا موناكو فى بيان "لا يمكننا التصدّى للزيادة الحالية فى أعمال العنف إلا إذا توفّرت لدينا أفضل المعلومات المتاحة واستخدمنا أكثر الأدوات والدراسات فاعلية لتعزيز جهودنا".
ويأتى نشر هذا التقرير بعد عطلة نهاية أسبوع شهدت خلالها الولايات المتحدة عمليتى إطلاق نار جماعيتين، نفّذ أولاهما فى بوفالو بنيويورك شاب عنصرى من دعاة تفوّق العرق الأبيض أردى عشرة من مواطنيه السود، فى حين سقط فى الثانية فى لوس أنجلوس بكاليفورنيا قتيل وخمسة جرحى.
وتكثر حوادث إطلاق النار فى الولايات المتحدة التى يكفل دستورها الحق فى حيازة أسلحة نارية، إلا أنّ محاولات تنظيم حيازتها والمطالبات بفرض رقابة أكثر صرامة على مبيعاتها تتعطّل فى الكونجرس بضغط من لوبى الأسلحة.