ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية حول العالم، والذي نجم عن استمرار العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، تسبب في تفاقم مخاطر المجاعة ومن ثم زيادة الضغط على منتجي الوقود منخفض الكربون المشتق من المحاصيل ، ما زاد الجدل حول مفهوم "الغذاء مقابل الوقود".
وأضافت الصحيفة، اليوم الأحد، أن إنتاج الوقود الحيوي العالمي وصل إلى مستوى قياسي، قبل بدء العمليات الروسية، في العديد من دول العالم، حيث خصصت الولايات المتحدة، المنتج الرئيسي للوقود الحيوي في العالم، حوالي 36% من إجمالي إنتاج محصول الذرة لديها إلى الوقود الحيوي في العام الماضي وحده، في حين مثَّل وقود الديزل الحيوي 40% من إمدادات زيت فول الصويا، وبعد ذلك، ناشدت بعض شركات الأغذية واضعي السياسات بتخفيف التفويضات لمزج الوقود الحيوي في البنزين والديزل لصالح زيادة إمدادات الحبوب والزيوت النباتية العالمية.
وذكر المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية ومقره واشنطن "الآن ليس الوقت المناسب للحكومات لتشجيع تحويل المحاصيل الغذائية إلى طاقة".. مشيرة إلى أن روسيا وأوكرانيا كانتا تنتجان ما يقرب من خُمس الذرة في العالم وأكثر من نصف زيت عباد الشمس، ومثلت صادرات المحاصيل من الدولتين جزءًا ضئيلًا من مستويات ما قبل الحرب بنحو دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريتش الأسبوع الماضي للتحذير من أن مئات الملايين من الناس معرضون لخطر "الجوع والعوز" بسبب نقص الغذاء الناجم عن الحرب.
وأوضحت الصحيفة أنه تم مزج الوقود الحيوي، أو "الإيثانول الحيوي" المصنوع من الذرة وقصب السكر والديزل الحيوي المصنوع من الزيوت النباتية بما في ذلك زيت فول الصويا وزيت النخيل، في وقود المحركات منذ أوائل القرن الحادي والعشرين لتعزيز إمدادات الطاقة وتقليل التأثير البيئي للوقود الأحفوري، غير أنه أُعتبر من أسباب تفاقم أزمة الغذاء الأخيرة في الفترة بين 2007-2008 حيث أشارت دراسات، بما في ذلك ما صدر عن صندوق النقد والبنك الدوليين، إلى أن الوقود الحيوي ساهم بنسبة 20-50 % في زيادة أسعار الذرة خلال الأزمة، كما تم وصف الاستخدام المتزايد له بأنه "جريمة ضد الإنسانية" من قبل مقرر الأمم المتحدة لحقوق الغذاء آنذاك.
ومع ذلك، دافع منتجو الوقود الحيوي عن صناعتهم وأكدوا بأنها لم تلعب دورًا كبيرًا في الأزمة الراهنة؛ حيث أكد جيمس كوجان من شركة إيثانول يوروب أن: الوقود الحيوي لم يتسبب في هذه الأزمة - سواء ما يخص ارتفاع الأسعار أو انكماش المعروض، وقال: إن خفض إنتاج الوقود الحيوي لن يخفف من أزمة الأسعار بشكل ملموس.
على النقيض من ذلك، اعتبر معهد الموارد العالمية، وهومركز أبحاث في واشنطن - حسبما نقلت الصحيفة البريطانية- أن من شأن التخفيض بنسبة 50 في المائة في الحبوب المستخدمة في الوقود الحيوي في أوروبا والولايات المتحدة أن يعوض جميع الصادرات المفقودة من القمح والذرة والشعير الأوكراني.
وقال أوليفر جيمس الباحث في جامعة برينستون الأمريكية: "في عالم يعاني من انعدام الأمن الغذائي، نحتاج إلى التفكير بشكل نقدي في مواردنا المحدودة بينما نحاول إطعام العالم وحل أزمة المناخ"، فيما أشار مايك ماراهرينز، من مجموعة "النقل والبيئة" التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، إلى أن بلدان الاتحاد الأوروبي تحرق حوالي 10 ألاف طن من القمح، أي ما يعادل 15 مليون رغيف خبز، يوميًا لتحويله إلى إيثانول سيارات، وردا على هذه الحُجة، جادل القائمون على الصناعة بأن مثل هذه المقارنات غير عادلة؛ من منظور أن معظم الحبوب المستخدمة في إنتاج الوقود هي في الحقيقة حبوب علف، تدخل في أغذية الحيوانات، وليست حبوب القمح، الذي يتم تحويله إلى خبز.