قدمرئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبى استراتيجية "آبينوميكس" خلال توليه السلطة، في محاولة لدفع عجلة التنمية في بلاده للخروج من حالة الركود الاقتصادى، ورحل شينزو آبي صباح الجمعة، في حادثة اغتيال هزت البلاد، بعد إصابته برصاصتين أطلقهما عليه رجل خلال تجمع انتخابي بمدينة نارا غربي اليابان، حيث كان آبي يدلي فيه بخطاب أمام أنصاره.
وحين أسند لآبي رئاسة الوزراء للمرة الأولى العام 2006، كان أصغر من تولى هذا المنصب في البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكنه اضطر للاستقالة التي كانت مفاجئة لكثيرين، عازيا ذلك إلى اعتلال صحته.
وعاد آبي من جديد لأضواء رئاسة الحكومة اليابانية في العام 2012، ووصف حينها بـ"المنقذ" بعد سياسات الحزب الديمقراطي المنافس التي أدت إلى فقدان اليابان مرتبة أكبر اقتصاد في آسيا، وترافق ذلك مع كارثة فوكوشيما النووية عام 2011.
وعلى إثر الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، أطلق شينزو آبي استراتيجيته التي عُرفت باسم "آبينوميكس"، مستهدفا إنعاش الاقتصاد الياباني بعد عقدين من الانكماش، بالجمع بين زيادة الميزانيات والليونة النقدية والإصلاحات الهيكلية.
و"آبينوميكس" تجمع بذكاء كلمتي "آبى" و"إيكونوميكس"، أو الاقتصاد باللغة الإنجليزية، مما يعني فكرة آبي الاقتصادية.
ولخص حينها آبي أهداف الاستراتيجية الجديدة بالقول: "سأحطم جميع الجدران التي تلوح في الأفق أمام الاقتصاد الياباني، وأرسم مسارا جديدا للنمو.. هذه هي بالتحديد مهمة أبينوميكس ".
ووفق ملامح الاستراتيجية الاقتصادية التي سارت عليها حكومة آبي، فإن مشكلة هيكلية كان تواجه الاقتصاد الياباني حينها هي شيخوخة المجتمع وتقلص عدد السكان، ومع ذلك اعتبروا هذا التحدي بمثابة فرصة جديدة.
وأوضحت الاستراتيجية التي اطلع عليها موقع سكاي نيوز عربية عبر الموقع الرسمي للحكومة اليابانية، أن التغيير الديموغرافى هو تحد اجتماعي تشترك فيه معظم البلدان المتقدمة.
وتمثل الهدف الأول للاستراتيجية المتمثل في "تحقيق النمو المستدام"، بالتزام طوكيو بتحقيق التنمية المستدامة، وأن تصبح رائدة في إنشاء نموذج اجتماعي جديد، عبر تنفيذ إصلاح شامل لتسريع دورة اقتصادية فعالة، مما سيساعد على زيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى 600 تريليون ين بحلول حتى العام 2020.
وتطرق الهدف الثاني الاستراتيجي إلى ما يُعرف باسم "المجتمع 5.0" والذي يهدف إلى زيادة رقمنة اليابان، عبر رؤية وطنية لتحقيق مجتمع تحركه البيانات ويركز على الإنسان للأجيال الجديدة، بما يتوافق في ذلك مع التنمية الاقتصادية والرقمنة وحلول القضايا الاجتماعية.
ووضعت "آبينوميكس" هدفا لزيادة المعروض النقدي إلى قرابة 70 تريليون ين، عبر طباعة المزيد من العملية، لجعل الصادرات اليابانية أكثر جاذبية، جنبا إلى جنب من الإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد، بتنشيط العرض والطلب، وتحقيق فائض في الميزانية على المدى الطويل.
وأشار المحلل الاقتصادي والزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان، في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أنه كان على شينزو آبي أن يتعامل مع اقتصاد راكد في اليابان منذ انهيار العقارات والأصول الأخرى في الثمانينيات، كما أدى انهيار الأصول في التسعينيات إلى تفاقم الوضع.
وأوضح سوليفان أن آبي تولى السيطرة على هذا الركود وحاول إعطاء الاقتصاد دفعة من خلال سياسة نقدية فضفاضة، وتحفيز مالي ومحاولات لإجراء إصلاحات هيكلية وغيرها من الإصلاحات لنظام القصور الذاتي الشديد، وكانت هذه أسهمه الرئيسية.
وقال إن رئيس الوزراء الياباني الراحل حاول إشراك المزيد من النساء وكبار السن وغيرهم في القوى العاملة اليابانية، وأتاحت برامجه الخاصة بالنساء فرصا أكبر للمرأة في المجتمع، وأسهمت استراتيجيته "آبينوميكس" في جعل الاقتصاد الياباني أفضل من أي وقت مضى.
وذكر أن نجاح "آبينوميكس" لم يكن نجاحا مطلقا، لكنه كان برنامجا أحدث فرقا وجلب بعض الأفكار الاقتصادية الجديدة، نتيجة للعديد من التحديات على رأسها معدل النمو السكاني وزيادة شيخوخة المجتمع، إضافة للكواراث الطبيعية مثل الزلازل والتسونامي وحادثة فوكوشيما، كما كان على اليابان أيضا أن تتعامل مع القوة الاقتصادية المتنامية للصين وتحدي واشنطن.
وأضاف: "لم تجعل آبينوميكس الاقتصاد الياباني أكثر سرعة كما كان من قبل، لكنها جعلته في مكان أفضل، حيث عمل آبي نحو الإصلاحات الاقتصادية وتغيير اللوائح التنظيمية لمواجهة مشكلة واجهتها اليابان على مدى عقود".