رأت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن التساؤل الوحيد الذي يحظى بالأهمية الأكبر الآن، حول احتمال نشوب حرب بسبب تايوان بين الولايات المتحدة والصين: هو ما إذا كان يمكن أن يظل مثل هذا الصراع غير نووي.
وذكرت الصحيفة -في مقال أوردته عبر موقعها الإلكتروني الثلاثاء أنه عندما صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن مرة أخرى في مايو الماضي، بأن أمريكا ستدافع عن الجزيرة في حال وقوع هجوم صيني، لم يتساءل أحد عما إذا كان ذلك يعني أنه على استعداد للمخاطرة بتبادل هجمات نووية مع بكين، وإذا كان رأي النخبة في السياسة الخارجية في واشنطن صائبا- والذي يرى أن مثل هذه الحرب لم تعد ممكنة فحسب -بل هي مرجحة- فإن تقييم مثل هذه المخاطر يتعين أن يتصدر كل المناقشات.
وأضافت الصحيفة أنه منذ أول استخدام للأسلحة النووية منذ ما يقرب من ثمانية عقود، لم تخض أي قوة مسلحة نوويا أخرى في صراع كبير، وخلال فترة الحرب الباردة، خاضت أمريكا والاتحاد السوفيتي حروبا مباشرة وغير مباشرة بالوكالة، لكنهما تجنبتا الصراع التقليدي المباشر الذي كان من الممكن أن يتصاعد ليصبح خارج نطاق السيطرة.
وقالت الصحيفة لذا باتت مصداقية المظلة النووية الأمريكية والوعود ب"الردع الممتد" موضع تساؤل من جانب الحلفاء غير النوويين، كما أنها السبب وراء توخي الناتو الحذر الشديد حيال الرد على الحرب الروسية في أوكرانيا والتي بدأت في وقت سابق من هذا العام.
وأوضحت الصحيفة أنه لم يعد بمقدور صانعي السياسة والرأي العام في الولايات المتحدة تجاهل حقيقة بزوغ فجر عصر نووي جديد، ونظرا لأن بكين تعتبر تايوان مسألة سيادة، فلا يمكن أن يكون هناك ما يضمن أن الصراع سيبقى تقليديا، ودون شك لن يكون هذا صداما صغيرا.
وأشارت فاينانشيال تايمز إلى أن الكثير في ذلك الأمر سيكون معتمدا على الكيفية لاندلاع مثل هذه الحرب -سواء ما كانت متعمدة أو وقعت بشكل عرضي- وكذلك مدى التزام واشنطن في الواقع بالدفاع عن الجزيرة.
وقالت إنه بمجرد أن يضرب صاروخ أمريكي واحد الأراضي الصينية، ستصبح مسألة التصعيد أمرا بالغ الأهمية، وسيتبعها على نحو شبه حتمي الضربات الانتقامية من جانب القوات الصاروخية لجيش التحرير الشعبي ضد الأراضي الأمريكية، مما يقود إلى دوامة من التصعيد.
وفي الواقع سيكون أي صدام كبير أول حرب بالصواريخ الباليستية بين القوى العظمى، ولقد توقف الأمريكيون منذ فترة طويلة عن أي استعدادات للدفاع المدني والجمهور غير مستعد تماما للتعرض لهجوم صاروخي، ومن ثم فإن مثل هذا التصعيد من شأنه أن يلقي بضغط هائل على قادة الولايات المتحدة للرد بقوة أكبر على الأهداف الصينية، وبالتالي المخاطرة بمواجهة شاملة ، إلى جانب الرغبة في الحصول على الطاقة النووية المتزايدة مع كل انتكاسة جديدة.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إن تداعيات حرب تايوان هائلة، لكن لا ينبغي لأي زعيم أمريكي أن يلتزم -دون مبالاة- بالدفاع عن الجزيرة، دون أن يفهم أن الصراع مع الصين يمكن أن يكون مختلفا عن أي صراع آخر في التاريخ، ومن ثم يتعين مناقشة المدى الذي ترغب الولايات المتحدة بأن تمضي فيه بشكل صريح وتقييم مخاطر العمل بالإضافة إلى التقاعس عن العمل على نحو متساو، وكذلك يتعين أن نفكر في ما لا يمكن تصوره أو ما قد يقودنا في نهاية المطاف إلى دفع ثمن مأساوي.