رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، تحذيرات العديد من العلماء بأن موجة الجفاف التي تتعرض لها أوروبا حاليًا قد تستمر حتى شهر نوفمبر المقبل، مما يضاعف المخاوف بشأن الغذاء والطاقة.
وذكر تقرير صدر عن مركز الأبحاث المشتركة التابع للاتحاد الأوروبي، ونقلته الصحيفة عبر موقعها الإلكتروني، أن ما يقرب من نصف دول الاتحاد الأوروبي لا تزال تعاني من ظروف الجفاف، حيث من المتوقع أن يظل الطقس أكثر سخونة وجفافًا حتى نوفمبر، الأمر الذي فاقم المخاوف القائمة بالفعل بشأن نقص المحاصيل وإمدادات الطاقة في قارة تضررت من انخفاض كبير في تدفقات الغاز من روسيا.
وتعليقا على ذلك، قالت ماريا جابرييل، مفوضة البحث والابتكار بالاتحاد الأوروبي:" إن موجة الجفاف الشديدة وموجات الحر المتتالية تسببت في ضغط غير مسبوق بشأن مستويات المياه في الاتحاد الأوروبي بأكمله، ونحن نلاحظ حاليًا موسم حرائق الغابات وهو أعلى من المتوسط، ما تسبب في تداعيات وخيمة على إنتاج المحاصيل".
ووفقا للتقرير، فقد تجلت ظروف الجفاف "الشديدة إلى المتطرفة" في إيطاليا وجنوب شرق وشمال غرب فرنسا وشرق ألمانيا وأوروبا الشرقية وجنوب النرويج وأجزاء كبيرة من البلقان..وأظهر أن حوالي 47 في المائة من الاتحاد الأوروبي كان في ظل ظروف تحذير من الجفاف و 17 في المائة في حالة "تأهب" من الجفاف، مما يعني أن النباتات والمحاصيل قد تأثرت.
كما حذر التقرير من "الآثار الخطيرة" على قطاع الطاقة خاصة على محطات الطاقة الكهرومائية غير القادرة على العمل، بسبب انخفاض مستوى مياه الأنهار وأنظمة التبريد لمحطات الطاقة الأخرى.
ووصف علماء - في تصريحات خاصة لـ"فاينانشيال تايمز" الصيف الحالي بأنه "أكثر فصول الصيف جفافًا على الإطلاق في أوروبا"، وحذروا من أن الاحترار يزداد بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، حيث انتشرت حرائق الغابات بسرعة في جميع أنحاء القارة واشتعلت أكثر من 4.6 ضعف متوسط مساحة الأرض على مدار الـ 19 عامًا الماضية من مواسم حرائق الغابات، بينما ذابت الأنهار الجليدية في جبال الألب بوتيرة قياسية.
وعانت المملكة المتحدة أيضًا من فترة طويلة من الطقس الحار والجاف، مما دفع إنجلترا إلى حالة رسمية من الجفاف في أغسطس الجاري، وأعلنت الحكومة يوم أمس أن ما تتراوح من 10 إلى 14 منطقة دخلت حالة الجفاف، مضيفة أن الأمطار الأخيرة لم تكن كافية لتجديد الأنهار والمياه الجوفية والخزانات إلى "المستويات الطبيعية".
وأدى هذا النقص الشديد في المياه والإجهاد الحراري للنباتات إلى خفض توقعات موسم الحصاد الصيفي لهذا العام في أوروبا، مع تضرر المحاصيل بشكل أكبر بما في ذلك الذرة وعباد الشمس وفول الصويا، وأظهرت بيانات مركز الأبحاث الأوروبي أن توقعات الغلة لهذه المحاصيل ستكون أقل من متوسط الخمس سنوات الماضية، كذلك تسبب الأمر في تفاقم مشاكل إمدادات الطاقة في جميع أنحاء القارة حيث جفت السدود الكهرومائية في دول مثل البرتغال والنرويج، مما دفع ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بعد روسيا للتحذير من أنها قد تضطر إلى كبح صادرات الطاقة إذا لم يتحسن الوضع!.