رأى الكاتب البريطانى "جوليان بورجر" أنه ليس من المحتمل أن يؤدى القصف الصاروخى الذى تعرضت له قرية بولندية أمس الثلاثاء إلى تصعيد فى الموقف أو مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسى (الناتو) بعد أن أشارت أصابع الاتهام إلى أنه من المحتمل أن تكون روسيا هى التى أطلقت تلك الصواريخ على دولة من الدول الأعضاء فى الناتو.
وأضاف الكاتب ـ فى مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية ـ أن القصف الذى تسبب فى مقتل شخصين، يعد مؤشرا قويا أن مخاطر المواجهة بين الطرفين أصبحت حقيقة ماثلة على الرغم من أنه قد لا يستدعى رد فعل جماعى من جانب أعضاء الحلف.
وأوضح الكاتب أنه على مدار فترة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو لم تقدم أى من الدولتين على ارتكاب مثل هذا الخطأ لأن كلا الطرفين كانا يدركان المخاطر الناجمة عن مثل هذه الاستفزازات والتى قد تؤدى إلى اندلاع حرب بسبب سوء تقدير أو حتى خطأ غير مقصود.
ويشير الكاتب إلى أنه ليس من السهولة بمكان فى الوقت الحالى التكهن بقدرات روسيا النووية كما كان الحال إبان عهد الاتحاد السوفيتى وهو ما يرفع مستوى الخطورة التى تشكلها روسيا فى ظل الأزمة الحالية بين موسكو والدول الغربية، مما جعل الرئيس الأمريكى جو بايدن يصف تلك الأزمة بأنها الأعنف منذ أزمة الصواريخ الكوبية فى ستينيات القرن الماضي.
وقد أعلنت الحكومة البولندية، كما يقول الكاتب، أن التحقيقات مازالت جارية لتحديد مصدر إطلاق الصواريخ بينما أعلن مكتب الرئيس البولندى "أندجى دودا" أن بولندا تفكر جديًا فى اللجوء لتفعيل المادة الرابعة من الاتفاقية المؤسسة لحلف الناتو والتى تسمح لأى عضو فى الحلف طلب لقاء عاجل للتشاور بين الدول الأعضاء فى حالة تعرض سلامة أراضيها أو استقلالها السياسى للخطر أو التهديد.
وفى الوقت نفسه أجرى الرئيس البولندى محادثات فى أعقاب القصف أمس الثلاثاء مع الرئيس الأمريكى جو بايدن وسكرتير عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج والرئيس الأوكرانى فلودومير زيلينسكى، بينما لم تعبر وارسو عن رغبتها فى تفعيل المادة الخامسة من الاتفاقية والتى تنص على أن أى اعتداء على أى عضو من أعضاء حلف الناتو يعتبر اعتداءً على جميع الدول الأعضاء فى الحلف وهو ما يقتضى تصعيدا يصل إلى حد الحرب بين حلف الناتو وروسيا فى حالة ثبوت تورط روسيا فى هذا القصف.
ويسلط الكاتب الضوء على تصريحات الخبير الاستراتيجى "ويليام ألبيرك" التى يوضح فيها أنه حتى فى حالة ثبوت تورط روسيا فى هذا القصف فإن الحادث لا يرقى لأن يكون سببا كافيا لتوجيه ضربة عسكرية لروسيا من جانب حلف الناتو.
ويستطرد الخبير الاستراتيجى أن توجيه ضربة عسكرية لروسيا يستلزم قيامها بهجوم عسكرى متعمد وليس مجرد إطلاق صاروخين عن طريق الخطأ.
ويختتم الكاتب مقاله بالتنويه بالموقف الراهن داخل حلف الناتو حيث تسود حالة من الإجماع أن التصعيد الروسى يستلزم زيادة الدعم الذى تقدمه دول الحلف لأوكرانيا فى محاولة لردع الجانب الروسى دون التدخل المباشر من جانب الحلف فى الحرب الروسية فى أوكرانيا.