يتوجه الجندي في الجيش الأوكراني الرقيب تاراس كل صباح مع فريقه إلى جبهات القتال، ليس من أجل إطلاق النار، إنما لجمع جثث الجنود الذين كانوا يطلقون النار قبل أن يسقطوا في المعارك ضد الجيش الروسي.
وتاراس وفريقه يمثلان وظيفة جديدة في أوكرانيا، برزت مع الحرب التي ستكمل بعد أيام عامها الأول، وهي: جمع جثث الجنود، وإرسالها إلى ذويهم.
ورافقت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، تاراس في إحدى المهمات في مدينة كراماتورسك، ويقول إنه في بعض الأحيان عندما يعود إلى قاعدته العسكرية، يستلقي ويجهش في البكاء ويتذكر أولئك الجنود الذين سقطوا.
وفي مشرحة بالمدينة، تجري عملية فحص هويات الجنود القتلى وجثثهم، وكان من بين هؤلاء جندي في الـ27 من عمره.
وأُطلق على الوحدة التي يعمل فيها تاراس "الدرع"، وذلك لنقل جثث الجنود القتلى إلى عائلاتهم بكرامة، كما يقول.
ويسعى الرقيب تاراس ومن معه إلى إعادة الجنود القتلى إلى ذويهم في أسرع وقت ممكن.ويشير إلى أن أقاربهم بحاجة إلى أن يلقوا عليهم نظرة الوداع، ويدفنوهم كما ينبغي، "ولذلك فهذه مهمتي".
وهذه الوظيفة تقع تحت ضغط كبير، حيث تواجه القوات الأوكرانية هجوما روسيا تلو الآخر في جبهات القتال في منطقتي لوغانسك ودونيتسك، شرقي أوكرانيا، مما يعني أن الوحدة ستواجه الموت كثيرا.ولم تنشر السلطات الأوكرانية أرقاما جديدة بشأن القتلى العسكريين الذين سقطوا في الحرب منذ ديسمبر 2022 حيث أقرت حينها فقط بمقتل 13 ألف جندي.
لكن خبراء غربيين يقولون إن العدد يفوق 100 ألف جندي قتلوا أو أصيبوا منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير من العام الماضي.أما عدد قتلى الجيش الروسي أكبر من ذلك بكثير، وفق الولايات المتحدة، التي تعتقد أن حصيلة قتلى الروس تبلغ 188 ألفا.
لكن بعيدا عن الأرقام المجردة، فإن قضاء يوم واحد مع تاراس يظهر حجم الخسائر البشرية في صفوف الأوكرانيين.وعلى سبيل المثال، جمع تاراس جثث 22 جنديا أوكرانيا من مشرحتين فقط.وهذه المهمة، رغم أنها ليست قتالية، إلا أنها تثقل كثيرا على العسكري الأوكراني بسبب ما يشاهده من الثمن الذي تدفعه بلاده، قائلا إنه قد لا يكون بوسعه التحمل أكثر.
ويوضح: "في بعض الأحيان، لا أتمكن من النوم بسبب الفتيان والفتيات الصغار (يقصد العسكريين الذين يُقتلون على الجبهات)".