سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على احتدام المفاوضات بين دول الناتو لتحديد الخطوات التالية في مسار أوكرانيا نحو الانضمام إلى الحلف، حيث تتدافع الدول الأعضاء سريعا لمحاولة سد الانقسامات حول كيفية ضمّ أوكرانيا للدرع الأمني للحلف بينما تستمر الحرب مع روسيا.
وأوضحت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني، الأحد، أن المناقشات تحتدم قبل أسابيع من اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع قادة الناتو في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، لمناقشة خطط تعزيز الدفاعات ضد روسيا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في عدد من دول الناتو، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الموضوع، أن هناك إجماعًا بين أعضاء الحلف البالغ عددهم 31 عضوًا على أنه على الرغم من مطالبة كييف للانضمام للحلف، لن يصدر الناتو دعوة رسمية لأوكرانيا للانضمام خلال فعاليات الاجتماع الذي سيتم انعقاده يومي 11 و12 يوليو المقبل.
وأوضح المسئولون أنه بينما تضغط دول أوروبا الشرقية على بقية الدول الأعضاء لاتخاذ خطوات ملموسة نحو دعوة أوكرانيا للانضمام، بما في ذلك الالتزام بجدول زمني لضم أوكرانيا للحلف، فإنه في الوقت نفسه تدعو الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا الغربية إلى اتخاذ خطوات أقل تأثيرا مثل اتخاذ إجراء بتشكيل هيئة تجمع الناتو وأوكرانيا، أو قرار لتوسيع الدعم الفني الذي يقدمه الناتو للجيش الأوكراني.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على خلفية الصعوبات التي ينطوي عليها قبول انضمام بلد يخوض حرب كبرى إلى الناتو، فإن الانفصال بين أعضاء الحلف يسلط الضوء على المخاطر التي قد تنطوي عليها مثل هذه الخطوات في لحظة محفوفة بالمخاطر في المواجهة بين الغرب وروسيا.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد 15 عامًا من قيادة الولايات المتحدة حملة لإعلان أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو أمرا حتميا، فإن قبولها في ظل الظروف الحالية قد يؤدي إلى تحديات طويلة المدى داخل الناتو على الرغم من التماسك الذي اتسم به رد الحلف على الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في دول البلطيق اقترحوا أن يُصدر حلف الناتو خلال اجتماع فيلنيوس، دعوة رسمية لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، أو إطلاق عملية لتحديد إطار زمني وشروط محددة لانضمام أوكرانيا، حتى إذا كانت مدتها أطول بسبب الحرب.
أما على الجانب الآخر، فإن الدول التي تدعم اتخاذ إجراء أسرع من ضم أوكرانيا للحلف، ترى أن جعل العضوية مشروطة بقدرة أوكرانيا على صد الغزو الروسي الشامل بشكل فعال يمنح بوتين حق النقض، أو ما يمكن أن يتم وصفه بمخرج يمكنه استخدامه لضمان عدم انضمام أوكرانيا للناتو، وهي ليست الرسالة التي يرغب الناتو في بثها.
وبحسب الصحيفة، فإن الدول المؤيدة لاتخاذ إجراء سريع لا يتضمن انضمام أوكرانيا للناتو، تقول إن التاريخ أظهر أن عضوية الحلف فقط هي التي يمكن أن تردع استخدام روسيا للقوة، وليس مجرد الوعد بإعطاء عضوية لأوكرانيا، مستندين في ذلك إلى إرسال بوتين قوات روسية إلى جورجيا بعد شهور من إعلان الناتو عام 2008 عن انضمام أوكرانيا وجورجيا للحلف، كما أن خطوات أوكرانيا البطيئة نحو الانضمام للناتو لم تردع أزمة شبه جزيرة القرم عام 2014.
وأشار مسؤولون أمريكيون -وفقا لما نقلته "واشنطن بوست- إلى أن إدارة بايدن تُفضل وضع دول الناتو الأولوية لتزويد أوكرانيا بالدعم المستمر في ساحة المعركة بينما يستعد الجيش الأوكراني لشن هجوم مضاد طال انتظاره، أما العضوية والضمانات الأمنية المحتملة فإنها مسائل يجب معالجتها كجزء من التسوية النهائية للحرب.
ومن ناحية أخرى، فإن الدول الأعضاء التي لديها تحفظات أقوى على انضمام أوكرانيا للناتو ترى أن قبول كييف أثناء حربها مع موسكو يمكن أن يؤدي تلقائيًا إلى تفعيل المادة الخامسة من لوائح الناتو، وهو بند الدفاع المشترك لدول الحلف، والذي من شأنه أن يدفع بالتحالف إلى صراع كبير مع أكبر قوة نووية في العالم، كما أن الخطوات السريعة نحو انضمام أوكرانيا للناتو قد تؤدي إلى تصعيد بوتين لحملته في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أنه رغم اختلاف وجهات النظر بين الدول الأعضاء، شدد مسؤولون من مختلف دول الناتو على أهمية إظهار التماسك حيث تحاول أوكرانيا وضع نفسها في أقوى موقف ممكن للمفاوضات المحتملة مع روسيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مجالات أخرى تتفق فيها الدول الأعضاء مثل أهمية الانتهاء من انضمام السويد كعضوها الثاني والثلاثين بعد أشهر من التأخير من قبل تركيا والمجر، حيث يتوقع دبلوماسيون أن توقع تركيا على ترشيح السويد بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هذا الشهر.