ذكرت مجلة (ذى إيكونوميست) البريطانية أن الإجراءات التى يتخذها حاليا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للانتقام ممن حاولوا الانقلاب عليه واهتمامه بالشأن الداخلى لبلاده ألقى بتداعيات سلبية على صفوف المعارضة التى كان يدعمها داخل سوريا.
وذكرت المجلة – فى تقرير لها بثته على موقعها الإلكترونى الاثنين، أنه بينما يركز أردوغان حاليا على سبل مقاومة عدوه بداخل تركيا، تعانى المعارضة السورية من انتكاسات نتيجة تراجع الدور التركى فى دعمها، ويتجلى ذلك فى عدة صور من بينها قيام السلطات التركية بإغلاق معبر باب الهوى الحدودى، والذى يعد حتى الآن طريقا أساسيا فى توصيل الإمدادات للأراضى السورية التى تسيطر عليها المعارضة السنية.
وأضافت "أن توتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، بسبب إيواء الأخيرة لفتح الله جولن الذى يتهمه أردوغان بالتخطيط للانقلاب ساهم أيضا فى إضعاف التحالف الخارجى الذى يدعم صفوف المعارضة السورية، فبعد أن استشاط أردوغان غضبا من حماية واشنطن لجولن، قرر الرئيس التركى قطع الكهرباء بصورة مؤقتة عن قاعدة انجرليك الجوية التى تستخدمها القوات الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابى، مما قوض جهود مكافحة هذا التنظيم".
إلى جانب ذلك، تساءلت الشركات الأمريكية الخاصة- التى تقع بالقرب من الحدود التركية مع سوريا وتتولى مسئولية إمداد المعارضين السوريين بوسائل الدعم غير القاتلة- عما إذا كانت قد انجرت إلى هذا النزاع.
كما ذكرت المجلة "أن كلا من تركيا وأمريكا، ولأسباب منفصلة، يبدو أنهما تخاطران براهناتهما على عواقب الحرب، فكلتاهما تسعيان لعلاقة عمل مع روسيا، وهى الداعم الرئيسى للرئيس السورى بشار الأسد الذى تتعهد المعارضة هناك بالإطاحة بنظامه، فيقول أحد المتحدثين باسم الجيش السورى الحر: "إننا ضحينا بكل شىء من أجل تغيير النظام، ومع ذلك كل شئ تغير عدا النظام نفسه".
وأوضحت المجلة أنه بينما تراجعت وتيرة الدعم الدولى للمعارضة السورية، لا تزال أوجه الدعم الخارجى تتدفق على النظام السورى بدون توقف حيث تواصل روسيا سيطرتها على سماء سوريا برغم من تعهداتها بالانسحاب فضلا عن استمرار إيران وعملائها فى المنطقة، ومن بينهم حزب الله اللبنانى، فى دعم قوات النظام السورى المنهكة على أرض الواقع.
وأشارت إلى أنه عقب يومين من محاولة تحركات الجيش فى تركيا، تمكنت القوات المتحالفة مع الحكومة السورية من إنشاء مواقع لها على طريق "كاستيلو" السريع، وهو أخر طريق إمدادات يصل لشرق مدينة حلب، ومن ثم فرضت حصارا كاملا على معاقل المعارضة هناك، وقامت بضرب 4 مستشفيات ميدانية وبنك للدم من الجو قبل يومين، فيما قال أحد الساسة السوريين المقيمين فى المنفى: "يبدو أن تركيا لم تعد تمتلك استراتيجية طويلة الأمد فى سوريا".
وفى السياق ذاته، أفادت المجلة البريطانية أن قوات النظام السورى أبدت سعادتها حيال الفوضى فى تركيا، فقام جنود سوريون يقفون فى نقاط تفتيش حكومية فى دمشق بإطلاق الأعيرة النارية فى الهواء ابتهاجا بأنباء تحركات الجيش فى تركيا، ففى خلال العشرة أشهر الأخيرة تقريبا ومنذ أن بدأت روسيا فى قصفها الجوى دعما للأسد، فقد المعارضون فى سوريا ما بين نصف وثلث الأراضى التى كانوا يسيطرون عليها فى السابق، وفقا لتصريحات أدلى بها مسئول بالمعارضة السورية.
ومع ذلك، يرجح عدد قليل من المعارضين فى سوريا (حسبما نقلت ذى إيكونوميست) بأن أردوغان سيلجأ، كجزء من إجراءاته لمقاومة تحركات الجيش داخل بلاده، إلى تعزيز انتصاراته داخل العالم السنى من خلال تعزيز دعمه للمعارضة السنية فى سوريا.
ولكن بعض القادة السوريين الذين يعيشون فى المنفى وكذلك أمريكيين ينسقون الدعم اللوجستى يرون أن الحالة العامة التى تسود المشهد السورى حاليا تسيطر عليها أجواء الإحباط والكآبة حيث قال أحد هؤلاء الذين يعيشون فى المنفى "لقد انتهت بالفعل اللعبة بالنسبة للمعارضة السورية".