أصدر حاخامات يهود فتوى دينية أثارت جدلا واسعا داخل إسرائيل بتحريم "أشجار عيد الميلاد المجيد"، وحذروا من وضعها فى المؤسسات الرسمية والفنادق فى رأس السنة الميلادية، مؤكدين أنها تتعارض مع الشريعة اليهودية، واعتبرو إقامة الشجرة بمثابة "عبادة وثنية".
وأحدثت فتوى الحاخامات ضجة كبيرة فى الرأى العام داخل إسرائيل، وتناولتها جميع الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الأربعاء، حيث نشرت صحيفة "هاآرتس" الهجوم الذى شنه حاخام معبد معهد الهندسة التطبيقية "التخنيون" فى حيفا، إلعاد دوكوب، ضد نصب شجرة الميلاد فى الحرم الجامعى، ودعوته للطلاب اليهود، عبر صفحته فى الفيسبوك، إلى الامتناع عن الدخول إلى بيت الطلاب فى المعهد وتناول الطعام هناك بسبب إقامة الشجرة.
وقال الحاخام اليهودى: "إن شجرة الميلاد هى رمز دينى، ليس مسيحيا وإنما أكثر إشكالية فهو رمز وثنى"، وأضاف على صفحته فى "الفيسبوك" وكذلك على موقع "سوراجيم" المتخصص فى الشئون الدينية اليهودية: "إن الشريعة اليهودية تؤكد أنه فى كل حالة يمكن خلالها الالتفاف وعدم المرور فى المكان الذى تجرى فيه عبادة الأوثان، يجب عمل ذلك، ولذلك يجب عدم الدخول الى بيت الطلاب فى كل حالة يمكن فيها تجاوزه".
وأشارت هاآرتس إلى أن منشور الحاخام دوكوب على صفحة الفيسبوك حظى بتعليقات كثيرة للغاية، بعضها من قبل طلاب غاضبين مما كتبه.
ورد الحاخام اليهودى على هجوم الطلاب الغاضبين قائلا: "إنه ينشر هذه الأمور فى أعقاب مس لجنة الطلاب بالهوية اليهودية للحرم وإقامة شجرة الميلاد.. وليتهم أقاموا شمعدان بهذا الحجم، فى منطقة عامة وإعطاء مكان للهوية الدينية المسيحية داخل التخنيون".
وأفتى الحاخام بأنه يمنع تناول الطعام فى المكان خاصة وأن هناك مشكلة فى ذكر اسم الله ومباركة الطعام فى مكان تتواجد فيه هذه الرموز الوثنية.
وحسب تفسيره فإن المقصود "رمز معادى لليهود وليس فقط رمزا معاديا للدين"، مضيفا: "هل يمكن التفكير بأنه باسم أى حرية سنسمح للطلاب بالتصريح بأن القدس لا تنتمى لشعب إسرائيل كما حدث فى اليونسكو؟ هل علينا استيعاب كل شىء بدون تحفظ أو قيود؟ هل نستوعب مهرجان الطعام الأسبانى الذى يتقدمه الخنزير، باسم الشريعة؟"
وقال الحاخام وهو دكتور فى علوم الرياضيات، إنه لن يكتفى بإقامة شمعدان إلى جانب الشجرة، "لأن الشمعدان سيقف إلى جانب شىء يتعارض بشكل مطلق مع كل صراع الحشمونائيم".
وأضاف الحاخام: "كنت أتوقع من مؤسسة أكاديمية السلوك بشكل مختلف – أكثر علمى وأكثر حساسية من ناحية فكرية وأخلاقية".
وردا على سؤال حول ما إذا يجب السماح بحرية العبادة للجميع، قال الحاخام اليهودى إنه "ليس المقصود حرية العبادة، وإنما المجال العام للحرم الجامعى. هذه الدولة اليهودية الوحيدة فى العالم ولديها مهمة بأن تكون نور للأغيار وليس استيعاب كل فكرة بطريقة غير مراقبة".
وفى المقابل، توجه النائب بالكنيست يوسف جبارين، إلى رئيس معهد "التخنيون" البروفيسور بيرتس لافى، وقال له إن تصريحات الحاخام تحريض عنصرى ويجب فصله.
وأضاف النائب بالكنيست: "إن هذه التصريحات تمس بنسيج العلاقات اليهودى – العربى، وتتناقض بشكل مطلق مع الجهود المثيرة التى يبذلها التخنيون فى السنوات الأخيرة لدمج الطلاب العرب".
فيما قالت الدكتورة يوليا زاميلانسكى، المديرة العامة لجمعية "ميراثنا"، وعضو طاقم النضال ضد العنصرية: "من المؤسف أن الحاخام يرى فى الرموز الدينية والثقافية للمجتمعات الأخرى مس باليهودية.. وليعرف الحاخام أن شجرة الميلاد هى ليست رمزا مسيحيا فقط وإنما جزء من ثقافة اليهود القادمين من الاتحاد السوفييتى السابق، والشجرة المزينة هى الرمز الأساسى لقدوم السنة الميلادية الجديدة. وأضافت أننا نشجب بكل شدة وضيق أفاق الحاخام الذى يمس بحق جمهور كامل – سواء كان يهوديا أم لا – بالتعبير عن ديانتهم وثقافتهم فى المجال العام".
وفى وسط الضجة العارمة التى أحدثتها الفتوى، أصدر معهد التخنيون بيانان جاء فيه: "إن تصريحات الحاخام دوكوب نشرت على صفحته الخاصة فى الفيسبوك وتعكس رأيه الشخصى فقط وليس موقف التخنيون".