قالت صحيفة فاينانشال تايمز، إن شعار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب "بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" من خلال جلب المزيد من الوظائف الصناعية يناقضه زيادة الاعتماد على الميكنة وتراجع النقابات العمالية، مما يجعل مثل هذه الأشغال غير كفيلة بتأمين حياة تحسب على الطبقة المتوسطة كما كانت فى الماضى.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن العمل فى القطاع الصناعى ذو أجر منخفض ومؤقت، كما أن شركات التوظيف توفر عمالة لا خبرة لها أو تدريب، مما يعرضها للإصابة، وهذا فى تقرير لها أمس الأحد.
وضربت الصحيفة المثل بريجينا إلسى، 20 عاما، التى التحقت بالعمل فى مصنع أجين فى مدينة كوسيتا فى ولاية ألاباما، والذى يورد أجزاء السيارات إلى مصنع تجميع هيونداى فى عاصمة ألاباما، مونتجومرى، وكيا فى ولاية جورجيا.
وكانت ريجينا تتلقى 8 دولارات ونصف فى الساعة، ولكنها كانت موظفة مؤقتة وتعمل من الإثنين إلى الجمعة، ولكن فى الأسابيع الأخيرة قبل مصرعها فى حادث بالمصنع، كانت الفتاة الجنوبية تعمل 12 ساعة يوميا طيلة الأسبوع على أمل الحصول على وظيفة دائمة بالمكان وتلقى 12 دولار فى الساعة، بحسب تصريحات أسرتها لفاينانشال تايمز.
وفى يوم من الأيام، توقف روبوت صناعى فى مصنع أجين عن العمل، فحاولت هى و3 آخرين أن يعيدوا تشغيله، فخروجوا من القفص المصمم لحماية العمال من الآلة، وعندما عاد للعمل، سحقها الروبوت.
وقالت إدارة السلامة والصحة المهنية الأمريكية بعد التحقيق، إن مصرع ريجينا كان يمكن تجنبه، واتهمت فى ديسمبر الماضى المصنع بارتكاب 23 مخالفة لقواعد الأمان، أغلبها "متعمد" فى حالة ريجينا، مطالبة بتوقيع عقوبة من 2 مليون دولار ونصف على المصنع.
وأضافت إدارة السلامة، أن المصنع لا يضع ضوابط لمنع الماكينات من العمل أثناء صيانتها أو عند دخول العمال لأماكن عمل الروبوتا، لكن لم يدفع "أجين" إلا 33 ألف دولار ونصف بعد مصرع ريجينا.
أما والدة ريجينا، أنجل أوجل، فقالت للصحيفة الاقتصادية:"يجب أن يعلم الجميع ما يحدث فى هذه المصانع. لقد رأيت العديدين يصابون".
وحذر الوكيل المساعدة لإدارة السلامة، ديفيد مايكلز، مسؤولى هيونداى وكيا فى زيارة عام 2015 لكوريا الجنوبية من أن ظروف العمل فى مصانع مورديهم خطرة، فبحسب الإدارة، وصلت إصابات العمل فى مصانع هيونداى وكيا فى ولايتى ألاباما وجورجيا فى 2015 و2016 إلى 12 حالة بتر، واحدة منهم راح فيها قدم أحد العمال، والباقى كل أو أجزاء من الأصابع.
وقال مايكلز، والذى ترك عمله الشهر الماضى، إن هيونداى وكيا يضغطان بشدة على مورديهم، مما ينتج عنه نظام إنتاجى قاسى يؤدى إلى الحوادث.
وأضاف: "بقدر ما أستطيع أن أقول، لا توجد شروط للقيام بالعمل بشكل آمن. إنه لا يختلف كثيرا عن سلاسل التوريد التى نتحدث عنها فى بنجلاديش".
وكانت ألاباما معروفة بالمنسوجات فى الماضى، تم تحولت للصناعات الأخرى، وانخفضت البطالة من 19.4% فى 2009 إلى 5.5% فى 2016، طبقا للصحيفة.
وبالرغم من هذا، قال المؤرخ المتخصص فى ولاية ألاباما، وين فلينت، إن جذب الاستثمار من خلال الضرائب المنخفضة والدعم الحكومى والعمالة الرخيصة التى لا نقابات لها، لم يجمع ما يكفى من الدخل لتمويل نظام تعليمى جيد لتقدم الولاية.
وقال فلينت: "إن الشيء الوحيد الذى لدينا لنبيعه هو عمل السكان، ولكن ليس لدينا العقول لنبيعها".