بعد نحو 5 أيام من التظاهرات الحاشدة التى تشهدها فرنسا وحالة الغضب التى يعيشها أبناء هذا البلد الأوروبى المعروف بالحرية واحترام حقوق الإنسان، لاغتصاب شاب أسود من قبل رجال الأمن ثم تم التعدى عليه، يخشى بعض المراقبين أن تزداد حدة الغضب والتظاهرات التى تنتهى دائما باشتباكات واعتقالات، لاسيما بعد التصريحات الأخيرة التى خرجت بها المديرية العامة للشرطة الفرنسية، والتى رفضت وصف حادث الشاب "ثيو" بأنه اغتصاب، وأكدت أنه الحادث العابر.
وقالت المديرية العامة للشرطة الفرنسية، اليوم الجمعة، إنها لا تقبل موجة التنديد والتظاهرات التى تجرى منذ خمسة أيام على إثر الواقعة التى حدثت مع الشاب ثيو البالغ من عمره 22 عاما، وأكدت المديرية العامة أن اعتداء أربعة من عناصرها على شاب فى ضاحية "أولناى سو بوا" بالعاصمة باريس، لا يعد جريمة جنسية أو "اغتصابا"، واصفة الأمر بـ"الحادث".
ووفقاً لصحيفة 20 مينيت الفرنسية، فإن التقرير الأولى للمديرية حول الاعتداء، أكد على أنها لن تعترف بأن ما جرى اغتصاب او انتهاك جنسى، وكرر البيان جملا توضح أنها مصرة على اعتبار ما جرى "حادثًا وليس جريمة جنسية".
وقالت الصحيفة الفرنسية ذاتها، إن المديرية أحالت تحقيقها حول حادثة الاعتداء إلى قاضى التحقيق المكلف بهذا الملف، وتعهدت بأن الضباط المتهمين بالتسبب فى عاهة او استخدام العنف دون مبرر سوف ينالون جزاءهم، وأن العملية التى شنها رجال الأمن حينها خرجت عن مسارها القانونى، وأن المديرية وإدارات الشرطة بالكامل لن تنفى تسبب هؤلاء الرجال فى "جرح طولى فى القناة الشرجية" و"تمزق فى العضلة العاصرة".
وشددت على أن عناصر الشرطة لم تتعمد خفض "سروال" الشاب، لإدخال عصا تليسكوبية فى منطقة حساسة من جسده، وعقبت المديرية على ما جرى بالقول: "إنه أمر خطير جدا، مما لا شك فيه، ويمكن أن يكون هذا العنف قد تسبب فى إعاقة دائمة، لكنه ليس اغتصابا".
ونتيجة هذا الاعتداء القاسى على الشاب، أوقفت السلطات الفرنسية عناصر الشرطة الأربعة عن العمل، واتهمت أحدهم بـ"الاعتداء الجنسي"، والثلاثة الآخرين بـ"العنف المتعمد".
وتعرض "ثيو"، وهو لاعب كرة قدم، أمس الخميس، لاعتداء جسدى، خلال ما وصفته الشرطة الفرنسية بـ "الحملة للتدقيق فى الهوية"، ما استوجب نقله إلى المستشفى لإصابته بـ"جرح طولى فى القناة الشرجية" و"تمزّق فى العضلة العاصرة"، بحسب التقارير الطبية.
وخرج مساء أمس فى مدينة نانت الفرنسية من 300 إلى 400 شخص، للتضامن مع الشاب المعتدى عليه من قبل الشرطة، إضافة إلى نحو 200 آخرين فى العاصمة باريس، وحمل المتظاهرون لافتات للتضامن مع الشاب (22 عاما) والاحتجاج على عدوانية الشرطة مطالبين باتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضدهم.
واعتقلت الشرطة الفرنسية الخميس 28 شخصا شاركوا فى مظاهرات جديدة اندلعت فى عدد من المدن الفرنسية بخلاف العاصمة باريس، حيث خرج المئات فى مدينة أولناى سو بوا سان دونى منددين بعنف الشرطة، وانتهت الأحداث باشتباكات حادة بين قوات الشرطة التى تحاول دوماً تفريقهم.
وقال أحد مسئولى الشرطة الفرنسية، إن المتظاهرين ألقوا مواد حارقة على رجال الأمن، وحاولوا استفزازاهم مرارًا وتكرارًا، حتى وقعت الاشتباكات، وتعهد بأن ينال كل منهم جزاءه دون تهاون، كما يتم التحقيق حاليا مع الضباط المتسببين فى إشعال هذا الغضب.
ومن جانبها، أعلنت محافظة سان دونى الفرنسية أن الأحداث لم تكن مشتعلة بشكل كبير، ولكنها لم تخل من التخريب، والاشتبكات، ولكنها أقل حدة من تلك التى اندلعت ليلة الخميس، وحكم القضاء الفرنسى على اثنين من المتهمين بالسجن المشدد لمدة 6 أشهر، وثلاثة آخرون حكم عليهم بنفس المدة مع إيقاف التنفيذ، بينما أخلت المحكمة سبيل الشاب السادس بعد ثبوت عدم مشاركته أو تورطه فى الأحداث التى شهدتها العاصمة باريس بين يومى 6 و7 يناير.
ووفقا للتقرير الطبى، فإن الضحية مازال حتى الوقت الراهن فى المستشفى تحت العناية الطبية الخاصة لما تعرض له من جروح وتهتكات فى منطقة الشرج، إضافة إلى السحجات والكدمات فى مناطق الصدر والظهر والوجه والجمجمة، وأنه سوف يظل فى حالة من العجز الكلى لمدة لا تقل فى أفضل الأحوال عن 60 يومًا.