تتعرض العلاقات الألمانية التركية لفصل جديد من التوتر ونكسة جديدة بسبب اعتقال أحد الصحفيين الألمان، الأمر الذى أثار جدلا حول حرية الصحافة فى تركيا، وأساليب القمع الذى يتبعه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ضد الصحفيين فى البلاد حتى وصل الأمر لاعتقال 150 صحفيا حتى الآن، ما تسبب فى غضب أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص.
وعلقت الصحف الإسبانية على اعتقال تركيا للصحفى الألمانى، وقالت صحيفة لابانجورديا، إنه يتم احتجاز 150 صحفيا حاليا فى السجن فى تركيا، منهم 49 صحفيا على الأقل محتجز بسبب أمور تتعلق بشكل مباشر بعملهم الصحفى، وهذا يعكس أسلوب تكميم الأفواه الذى يستخدمه أردوغان لتحكم فى البلاد، وفرض سيطرته الكاملة، مشيرة إلى أن يوسيل هو أول صحفى ألمانى يتم احتجازه فى إطار حملة موسعة على وسائل الإعلام منذ أن فرضت تركيا حالة الطوارئ ردا على محاولة انقلاب فاشلة فى يوليو الماضى.
وتتساءل صحيفة الباييس عن دور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد أن قامت بالتنديد وانتقاد اعتقال الصحفى الألمانى، وقالت هل من الممكن أن تتراجع ميركل عن موقفها أمام تركيا مجددا فى هذا الموقف بسبب اتفاقية اللاجئين، خاصة وأن أردوغان يستغل هذه الاتفاقية للضغط على المستشارة الألمانية فى الوصول إلى ما يرغب به، فى ظل استقباله لعدد من اللاجئين لعدم دخولهم دول الاتحاد الأوروبى، مشيرة إلى أن ميركل تراجعت فى العديد من المواقف السابقة بسبب اتفاقية اللاجئين الأوروبية التركية.
وعلى خلفية تلك الأزمة القائمة بين البلدين، فقد استدعت ألمانيا الثلاثاء السفير التركى للاحتجاج على إلقاء أنقرة القبض على صحفى ألمانى، وقالت الحكومة أنها ستعمل جاهدة من أجل الإفراج عن مراسل صحيفة دى فيلت فى أقرب وقت ممكن،وقال وزير الخارجية الألمانى سيجمار جابريل أن "العلاقات الألمانية التركية تواجه أكبر التحديات التى تمر بها فى العصر الحديث".
وأضاف جابرييل أن دستورى كلا من ألمانيا وتركيا يحميان الصحفيين، وأنه لا يمكن لأى دولة تدعى أنها ديمقراطية أو تحترم حقوق الإنسان أن تستخدم نظامها القضائى لملاحقة الصحفيين.
أما وزير العدل الألمانى هايكو ماس قال إن فرص تركيا فى الانضمام للاتحاد الأوروبى ستصبح "صعبة بشكل متزايد إلى مستحيلة" ما لم تلتزم بالقيم الأوروبية الأساسية، وأضاف "يجب على الساسة الذين يريدون زيارة ألمانيا أن يحترموا حرية الصحافة"، وذلك فى إشارة منه إلى الزيارة الذى ينوى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان القيام بها للترويج للتعديلات الدستورية التى قام بها.
موجة انتقادات
وانتقدت منظمة العفو الدولية إصدار السلطات التركية أمر اعتقال بحق الصحفى الألمانى - التركى دينيس يوسيل فى تركيا، وقال خبير الشئون التركية فى المنظمة، أندريف جاردنر، أن أمر الاعتقال "غير مقبول"، مضيفا "التطبيق المفرط والتعسفى لقانون مكافحة الإرهاب أصبح مشكلة كبيرة فى تركيا".
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الحكم ضد الصحفى "قاسى ومخيب للآمال"، مضيفة: "هذا الإجراء قاس بشكل مفرط خاصة وأن دينيس هو من قام بتسليم نفسه إلى المحاكم التركية".
أما سيجمار فقال إن "واقعة يوسيل تلقى الضوء على الاختلافات الموجودة بشكل واضح لدى البلدين خاصة فى كيفية تطبيق سيادة القانون، وتقييم حرية الرأى والصحافة".
استدعاء السفير التركى
ودعت وزارة الخارجية الألمانية السفير التركى، على كمال أيدين، للتباحث بشأن توقيف مراسل صحيفة دى فيلت فى تركيا، الذى يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية، بتهمة القيام بدعاية "إرهابية"، وقالت الوزارة فى حسابها على تويتر إنه بسبب وضع يوسيل يوجل قيد الحبس الاحتياطى، تمت دعوة، وليس استدعاء السفير التركى.
مظاهرات
واندلعت مظاهرات فى ألمانيا لدعم الصحفى يوسيل فى تركيا، وفى برلين، شارك نحو 100 سيارة و 19 دراجة فى مسيرة جابت شوارع المدينة فى إطار مبادرة " أطلقوا سراح يوسيل"، ورفع المحتجون لافتات تطالب بالحرية لجميع الصحفيين المعتقلين فى تركيا.