قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن خطاب رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماى إلى الاتحاد الأوروبى والذى يطالب رسميا بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء مفاوضات خروج المملكة المتحدة من التكتل الأوروبى، أثار جدلا واسعا داخل الأوساط الأوروبية، وذلك لتضمنه تهديدات خفية.
وكان الرئيس الفرنسى، فرانسوا هولاند أكد لتريزا ماى أن الاتفاقيات الثنائية بين البلدين ستعتمد على آليات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ليكرر بذلك تهديد أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية بأنه لن يكون هناك أى محدثات قبل "البريكست".
وأضافت "الجارديان" أن هذا الجدل بشأن الخطاب، ربما ينذر بوجود مشكلات تعوق المفاوضات المنتظرة، إذ تسعى الحكومة البريطانية للتواصل مع جمهورين مختلفين، الأول المفاوضون الأوروبيون، والثانى، الرأى العام البريطانى ووسائل الإعلام.
وقال دبلوماسى أوروبى رفيع المستوى مستقر فى المملكة المتحدة "أخشى أن هناك أشخاص فى لندن وأوروبا لا يريدون نجاح هذه المفاوضات، ويريدون انهيارها سريعا".
وأضافت "الجارديان"، أن كثيرين فسروا الخطاب بأنه "محاولة خفية للابتزاز"، مشيرة إلى أن هذه التكهنات نبعت من الفقرات فى الخطاب التى تشير إلى الأمن، فجاء فى إحداها "فيما يتعلق بالأمن، الفشل فى التوصل إلى اتفاق سيعنى أن تعاوننا فى المعركة ضد الجريمة والإرهاب سيضعف".
وقال رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك، إن الاتحاد الأوروبى لن يعاقب المملكة المتحدة، لأن خروجها من التكتل الأوروبى وحده "عقاب كاف".
ومن ناحية أخرى، أعلن توسك اليوم الجمعة عن مجموعة من الإرشادات التى تحدد موقف التكتل بشأن المفاوضات مع المملكة خلال العامين المقبلين.
وقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن تاسك أبدى تنازلا لرئيسة الحكومة البريطانية، تريزا ماى عندما رجح أن تبدأ ترتيبات الاتفاقيات التجارية مع بريطانيا بمجرد ما يكون هناك "تقدم كافى" فى اتفاق الخروج المبدئى.
وأوضح توسك – فى مؤتمر صحفى مع رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات نقله تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)- أن المهمة الأساسية تتمثل فى تقليل الاضطراب الناتج عن قرار الانسحاب البريطانى على المواطنين والأعمال التجارية والدول الأعضاء.
وأشار إلى أن أهم النقاط التى تتضمنها المسودة تتمثل فى منع حدوث فراغ قانونى بالشركات بعدما باتت قوانين الاتحاد الأوروبى لا تنطبق على بريطانيا، والتأكيد على التزام الجانب البريطانى بجميع التزاماته المالية التى تعهد بها أثناء عضوية الاتحاد. بالإضافة إلى البحث عن حلول إبداعية وقابلة للتنفيذ لتفادى وضع حدود ملموسة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، مشددا على ضرورة دعم عملية السلام فى أيرلندا الشمالية.
ولفت توسك إلى ضرورة توفيق أوضاع المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون فى بريطانيا، كما أكد على احترام الجانب الأوروبى لجميع التزاماته، مشيرا إلى أن تلك المسودة والتى سترشد المرحلة الأولى من المفاوضات سيتم إرسالها إلى قادة الدول الـ27 العضوة بالاتحاد للنظر فيها.
وقال رئيس المجلس الأوروبي، إنه بمجرد تحقيق تقدم كاف في مفاوضات الانسحاب "وفي هذه الحالة فقط " سيمكن حينها مناقشة إطار العلاقات المستقبلية بين الجانبين. مشددا على أنه لن يتم بدء المحادثات بشكل متواز كما طالبت أصوات بريطانية.
وأكد توسك أن الاتحاد الأوروبى يحمل رغبة بريطانيا نفسها بتكوين علاقة شراكة وثيقة بين الجانبين تقوم على روابط قوية تتجاوز الاقتصاد وتضم التعاون الأمني. كما أكد في الوقت نفسه أن المفاوضات التى على وشك البدء ستكون صعبة ومعقدة وتحمل في بعض الأحيان مواجهات لا يوجد طريق لتفاديها.
وتابع أن الاتحاد بدوله الـ27 لن ينتهج أسلوبا عقابيا خلال العملية، مشيرا إلى أن "الخروج بحد ذاته عقابي بدرجة كافية".
وأضاف :"بعد أكثر من 40 عاما من الوحدة، نحن ندين لبعضنا بجعل هذا الانفصال سلسا لأكثر درجة ممكنة"، مشيرا إلى أنه اتفق مع رئيسة الوزراء البريطانية على البقاء فى تواصل دائم ومنتظم خلال تلك العملية.