قال خمسة خبراء لرويترز بعد مراجعة الأدلة المتاحة إن الانتحارى الروسى الذى قتل 14 شخصا فى هجوم على قطار أنفاق فى سان بطرسبرج نفذ عملية غير متقنة ربما بتوجيه من مساندين له من الخارج دون دعم مباشر.
ويوم الثلاثاء قال محققون روس إن منفذ الهجوم هو أكبرجون جليلوف من مدينة أوش بقرغيزستان وإنه ترك قنبلة ثانية عثر عليها فى محطة أخرى لقطار الأنفاق قبل أن تنفجر.
وقال الخبراء الذين فحصوا صورة للقنبلة الثانية فى وسائل الإعلام الروسية أنها عبوة محلية الصنع بدائية من حيث التكنولوجيا المستخدمة فيها إذ أنها مصنوعة من السكر ومواد متوفرة يسهل الحصول عليها وجهاز تفجير يدوى الصنع وليس مفجرا من المنتجات التجارية.
وأضاف الخبراء أن غياب الحنكة والخبرة يشير إلى أن مرتكب التفجير شخص أو أشخاص يعملون بموارد محدودة ولكن بتوجيه لكيفية تجميع عبوة متفجرة من النوع الذى تستخدمه الجماعات المتطرفة مثل داعش.
ويؤيد ذلك نظرية مفادها أن روسيا تواجه نوعا جديدا من الخطر متمثلا فى متطرفين إسلاميين يندمجون فى المجتمع ولا ينتمون لأى من الجماعات الإرهابية المعروفة ومن ثم فمن الصعب على الأجهزة الأمنية أن تتعقبهم.
قال مسؤول دفاعى غربى سابق له خبرة فى التعامل مع العبوات التفجيرية يدوية الصنع فى الشرق الأوسط "هذا يشير إلى أنهم تنظيم هاو إلى حد ما لكن لم يكن لديهم من المعارف أو المال أو الأسباب ما يدفعهم للسعى من أجل الحصول على بعض المتفجرات من نوعية ممتازة."
وأجرت رويترز مقابلات مع المسؤول الغربى وآخرين تحدثوا بشرط إخفاء هوياتهم لاستمرار التحقيق فى التفجير الذى وقع يوم الاثنين.
قال ضابط بجهاز أمنى روسى إن القنبلة صنعت باستخدام وسائل تم جلبها إلى روسيا من سوريا وإن المادة المتفجرة تعرف باسم "شيكولاتة" بسبب لونها البني.
وأضاف الضابط "على النقيض من الوصفات التقليدية التى صنعت من قبل (فى روسيا) فإن داعش تستخدم السكر ويصبح للمادة المتفجرة لون التراب."
ورجح أن يكون آخرون وراء تصرفات جليلوف.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن جليلوف كانت تربطه صلات بمتطرفين ما يثير احتمال أن يكون الهجوم من وحى تنظيم داعش الذى لم يسبق أن نفذ ضربة فى مدينة روسية كبرى.
ولم ترد لجنة التحقيقات الروسية المسؤولة عن إدارة التحقيق على على الفور على طلب للتعليق.
وحتى الآن لم يعلن أحد مسؤوليته عن التفجير غير أن روسيا فى حالة تأهب لاحتمال وقوع هجمات ردا على دورها فى سوريا حيث تشارك القوات الموالية للرئيس بشار الأسد فى مواجهة جماعات مسلحة مدعومة من الغرب وكذلك تنظيمات إسلامية متشددة.
وسبق أن هدد تنظيم داعش أكثر من مرة بالانتقام وارتبط اسمه بهجمات أخرى فى أوروبا. وإذا تأكد أن تفجير قطار الأنفاق يرتبط بمتطرفين إسلاميين فربما يثور الغضب فى نفوس بعض الروس لقرار موسكو التدخل فى سوريا وذلك قبل عام من انتخابات يتوقع أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين.
قال خبير غربى متخصص فى المتفجرات إن من المحتمل أن تكون القنبلة صنعت بخلط السكر أو الوقود بنترات الأمونيوم وهو ما قد يربطها بجماعة داخل داعش.
وأضاف "فى الغالب يستخدم وقود الديزل لذلك. وهذا قد ينتج مادة متفجرة غامقة بنية اللون. والكثير من العبوات محلية الصنع فى العراق وسوريا تستخدم" هذه الوسيلة.
وأيا كانت الوسائل التى استخدمها جليلوف فقد اتفقت المصادر الخمسة على شيء واحد هو أن خطته انحرفت عن مسارها.
وقال نيل جيبسون محلل الأسلحة فى مؤسسة جينز إن القنبلة التى تم اكتشافها فى محطة بلوشتشاد فوستانيا لقطارات الأنفاق فى سان بطرسبرج على مسافة قريبة من موقع التفجير تركت على الأرجح بجهاز توقيت لكنها لم تنفجر إما لعيب فى آلية التفجير أو أن ساعة التفجير لم تضبط بدقة.
وقالت المصادر الأخرى إن مشاكل فى خلط المادة المتفجرة ربما أفسدتها بما يشير إلى التعجل فى تجميعها أو نقص الخبرة.
وقال المسؤول الدفاعى الغربى "عندما تكون مقبلا على تفجير نفسك تحتاج ... لاختبار المزيج. ومن الصعب ضبطه. وإذا لم يكن لديك الوقت الكافى لضبط المزيج فهذا يفسر بسهولة لماذا لم تنفجر القنبلة."
وقال جيبسون إن تحليلا للصور من موقع الانفجار يشير أيضا إلى أن الهجوم الرئيسى لم ينفذ حسب الخطة إذ كان الانفجار ضعيفا فأحدث أضرارا بسيطة بعربة القطار."
وقالت ايرينا أفيدون المقيمة فى سان بطرسبرج، والتى كانت فى عربة القطار التالية للعربة التى حدث فيها التفجير، لرويترز إن من كانوا فى بقية القطار لم يعلموا بأن قنبلة انفجرت.
وقالت "حدث دوى مرتفع لكنه ليس شديدا. وطار جزء من الأرضية وحدث شرر ودخان لكنه لم يكن كثيفا. كل شيء كان مرئيا من عربتنا."
وأضافت "وصل القطار إلى المحطة ونزلنا. وفى تلك اللحظة أصبح كل شيء مرعبا عندما شاهدت العربة المجاورة وما حدث بها من تمزق."
وقال جيبسون إن الانفجار الضعيف وضآلة حجم الدمار الفعلى يعنى أن العبوة التى استخدمها جليلوف سيئة التصميم مستشهدا باحتمال حدوث مشاكل فى شكل العبوة أو المفجر أو مكونات المادة المتفجرة.
وأضاف جيبسون إن قرار جليلوف أن يفجر العبوة فى منتصف النهار عندما يكون القطار خاليا نسبيا علامة أخرى على أن الهجوم كان سيء التنفيذ.