قالت صحيفة الإكونومست البريطانية إن وقوع حادث إطلاق نار بالقرب من دير سانت كاترين أمس الثلاثاء لم يمنع الرهبان من قضاء وقت أطول من المعتاد فى صلوات الصباح كما تملى عليهم شعائرهم وجوب إطالة الصلاة فى الأربعاء التالى لعيد الفصح.
وتبدأ الصلاة فى منتصف الليل وتنتهى بعد الفجر لإحياء ذكرى الشهداء والزاهدين داخل الدير الذى يعد واحدا من أقدم دور العبادة المستمرة فى أداء دورها دون انقطاع.
وأشارت الصحيفة إلى أن داعش تبنت الحادث الذى أودى بحياة أمين شرطة، بينما أنكر رئيس أساقفة الدير "داميانوس" وقوع حادث إرهابى، مؤكدا أن الحادث كان فى الغالب عن طريق الخطأ فى الكمين بالقرب من الدير.
وقالت الصحيفة إلى أن رد فعل الرهبان الرزين يذكرنا بالمرونة المدهشة لهذا المجتمع الذى تأسس فى عقد الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس المسيحى فى هذه البقعة من أرض مصر، ويضم الدير حوالى 30 راهبا منهم 20 يقيمون بشكل دائم.
وأضافت إن مشهد الصخور الحمراء وتغير الألوان فى المكان فى كل ساعة يخلق جوا مضيئا، وفى لغة الكنيسة، يتم وصف جبل موسى بـ"ثيوباديستوس"، إذ تؤمن الديانات السماوية الثلاث أن موسى عليه السلام كلم الله على قمته.
ونوهت إلى أن الدير تخطى مرحلة الصليبيين الذين تعاملوا بقسوة مع المسيحيين الشرقيين، واستمر بعد الإسلام، ويقال إن واحدا من كنوزه هو نسخة من وثيقة وعد فيها محمد صلى الله عليه وسلم بحماية المسيحيين فى المكان، وتخطى نابليون الذى وعدهم بالحماية، وتعدى مرحلة انهيار الدولة العثمانية وكذلك الاحتلال الإسرائيلى.
ولعل صعوبة الوصول إلى الدير ساهم فى الإبقاء عليه وعلى كنوزه سليما، فقبل القرن الـ20 كان لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق رحلة طويلة بالجمل، وتمكن عبر القرون من التخلص من اللصوص الجشعين والمعادين من الأديان والمذاهب الأخرى، على حد قول الصحيفة.
كما لم تصل إليه موجات "تحطيم الأيقونات التقليدية" فى العهد البيزنطى، ولا زال يحتفظ ببعض أعظم الأعمال الفنية المسيحية الشرقية، ومكتبته لا تضاهيها إلا مكتبة الفاتيكان كمستودع للمخطوطات الدينية بمختلف اللغات، بحسب الإكونومست.
وعملت "مؤسسة سانت كاترين" التى لها فروع فى لندن ونيويورك وجنيف لـ20 عاما لتوثيق والحفاظ على المكتبة، وتابعت الصحيفة أنه "يأمل الأصدقاء الدوليين القويين للدير، بما فيهم متحف المتروبوليتان فى نيويورك والمكتبة البريطانية، أن تظل مهارات البقاء هذه سليمة فى مواجهة التهديدات الجديدة".