اليونسكو تدعو إلى حماية النظم الإيكولوجية لأشجار المانجروف

تحيى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، "اليونسكو"، يوم 26 يوليو، اليوم الدولى لحماية النظام البيئى لأشجار المانجروف الساحلية 2017، ويسلط إعلان هذا اليوم الدولى الذى اعتمد المؤتمر العام لليونسكو يوم 6 نوفمبر 2016 للاحتفال به، الضوء على أهمية النظم الإيكولوجية لأشجار الأيك أو المانجروف الساحلية بوصفها "نظم إيكولوجية فريدة وهشة". والمانجروف، هى مجموعة من النباتات الملحية أشجار أو شجيرات تنمو فى المياه الضحلة على سواحل البحار والمحيطات، وتعتبر من النباتات الاستوائية، وهذا النوع من الغابات يمثل نظاماً بيئياً فريداً يختلف عن بقية النظم البيئية للغابات بسبب نموها فى المناطق الضحلة التى تشبه المستنقعات، حيث تكون التربة رديئة التهوية ومشبعة بالماء وغنية بالمواد العضوية المتحللة التى ترتفع بها نسبة ثانى أكسيد الكربون، وبالتالى لا تجد جذور هذا النبات كفايتها من الأكسجين اللازم لتنفسها فتنمو من الأجزاء السفلية للنبات جذور عريضة تنفسية تتجه إلى أعلى ضد الجاذبية الأرضية وتظهر فوق سطح الأرض كسيقان نامية يتراوح طولها من بضع سنتيمترات إلى نصف المتر وفى مساحات كبيرة حول النبات. ويوفر وجود هذه الأشجار كتلة حيوية متنوعة وفوائد إنتاجية كبيرة للإنسان بالإضافة إلى الأسماك وسلع وخدمات الغابات ناهيك عن المساهمة فى حماية الخط الساحلى والتخفيف من آثار التغيرات المناخية والأمن الغذائى على المجتمعات المحلية. وتعتبر غابات المانجروف الساحلية نادرة رغم تواجدها فى 123 منطقة، حيث إنها تمثل ما لا يزيد عن 1% من الغابات الاستوائية حول العالم، وما لا يزيد عن 0.4% من مجمل الغابات بشكل عام. وتشير الإحصائيات إلى أن معدل انقراض غابات المانجروف الساحلية يتراوح من ثلاث إلى خمس مرات أسرع من خسائر الغابات حول العالم ناهيك عما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة. وكان المجلس التنفيذى لليونسكو قد أقر فى دورته الـ 38 القرار 197 / 41 لعام 2015، بإعلان يوم 26 يوليو، يوما دوليا لصون النظام الإيكولوجى لغابات المانجروف، بناء على اقتراح تقدمت به دولة الإكوادور بدعم من مجموعة أمريكا اللاتينية والكاريبى، لإعداد خطة إقليمية لصون غابات المانجروف، فى جنوب شرق المحيط الهادى. وأشارت آيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، فى رسالتها، إلى أن غابات المانجروف الساحلية، هى من أشد النظم الإيكولوجية تعرضاً للخطر، فالتقديرات تشير إلى أن 67% من غابات المانجروف اندثرت إلى الآن، وأن جميع غابات المانجروف غير المحمية تقريباً ستهلك فى غضون الـ 100 سنة القادمة، وتترتب على هلاك غابات المانجروف تداعيات جسيمة، إذ توفر النظم الإيكولوجية لهذه الغابات فوائد وخدمات أساسية للحياة، ابتداء من ضمان الأمن الغذائى، واستدامة مصائد الأسماك والمنتجات الحرجية، والحماية من العواصف وأمواج التسونامى وارتفاع مستوى سطح البحر، وإلى منع نحات خط الشاطئ وضبط جودة المياه الساحلية وتوفير موائل للأنواع البحرية المعرضة للانقراض ، وليس هذا إلا غيض من فيض أهمية غابات المانجروف. وأضافت بوكوفا، أن أهمية هذه الغابات تتمثل أيضاً فى الدور الفريد من نوعه الذى تؤديه فى عزل كميات هائلة من الكربون الأزرق الساحلى من الجو والمحيط وتخزينها، وهو أمر فائق الأهمية للتخفيف من وطأة آثار تغير المناخ، وتستعين اليونسكو بكل قواها، من خلال البرامج واللجان التابعة لها، أى برنامج الإنسان المحيط الحيوى، والبرنامج الهيدرولوجى الدولى، واللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، ومشروع نظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين، من أجل حماية النظم الإيكولوجية لغابات المانجروف. ولفتت بوكوفا، إلى أن أنشطة اليونسكو فى هذا المجال تشمل جميع أنحاء العالم، من محمية المحيط الحيوى نوروئستى – أموتابيس – مانجلاريس فى بيرو، مروراً بمحمية المحيط الحيوى لدلتا سلوم فى السنغال، إلى حديقة لانكاوى فى ماليزيا التابعة لشبكة الحدائق الجيولوجية العالمية لليونسكو. وفى ظل تغير المناخ العالمى وزيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوي، أصبحت النباتات الساحلية وما توفره من الكربون الأزرق، بالاعتماد على أشجار المانجروف ومروج الأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة، إحدى الطرق الجديدة الواعدة للتخفيف من الآثار الطبيعية لتغير المناخ وأهمها ظاهرة الاحتباس، وقد أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى عام 2010 مبادرة "الكربون الأزرق"، التى تسعى إلى تغيير التوجهات الحالية، وزيادة رقعة الأراضى الرطبة الساحلية بموجب الإدارة الفعالة بحلول عام 2025. ويفتح اتفاق المناخ العالمى الذى تم توقيعه فى باريس فى ديسمبر الماضى الباب أمام تعزيز هذه الجهود على سبيل المثال، عن طريق دعم تجارة الكربون، وتدشين برنامج على غرار مشروعات "آلية التنمية النظيفة"، حيث يسمح للدول والشركات بدفع الأموال مقابل الحد من الانبعاثات، أو إنشاء مخزون من الكربون على غرار المشروع المقام فى السنغال. كما أكدت إحدى الدراسات التى أجريت فى عام 2012، أن المحافظة على غابات المانجروف، يمكن أن تكون فعالة بتكلفة قدرها ما بين 4 إلى 10 دولارات أمريكية فحسب لكل طن من ثانى أكسيد الكربون، وهى التكلفة التى تقع فى نطاق معدلات الأسعار الحالية فى نظام تجارة الكربون الأوروبى. وقد أشارت دراسة علمية، بعنوان "الموائل الساحلية مزروعة كأحواض لأكسيد الكربون المكثف: فهم واستخدام استراتيجيات الكربون الأزرق"، حيث أشارت نوريا ماربا بوردالبا، الباحثة فى معهد البحر الأبيض المتوسط للدراسات المتقدمة فى أسبانيا، أن هناك المزيد من أكسيد الكربون المخزون فى التربة الخاصة بالنظم البيئية البحرية عما تعرفه الأوساط العلمية حتى الآن. وأضافت بوردالبا، أن الجانب الهام للكربون الأزرق هو أن غالبيته موجود فى التربة تحت النظم البيئية، وليس فى الكتلة الحيوية فوق سطح الأرض. ويمكن تخزين أكسيد الكربون لآلاف السنين بسبب تذبذب مستوى سطح البحر، بدلاً من الغابات البرية التى تصل إلى نقطة التشبع بأكيد الكربون قبله. ولكن هناك مخاطر، فالوجه الآخر للكربون الأزرق هو أنه إذا تعرضت هذه النظم الايكولوجية للتدهور أو التدمير، فإن كمية ضخمة من أكسيد الكربون المخزن والمتراكمة فى بعض الأحيان على مدى ملايين السنين، سوف تنطلق فى الجو كغاز ثانى أكسيد الكربون نتيجة لتأكسد الكتلة الحيوية والتربة العضوية التى قد يكون تم تخزين الكربون داخلها. وقال ايك شونج كيو، من قسم علوم المحيطات التابع لجامعة بوسان الوطنية فى كوريا الجنوبية، إن إنتاج الأعشاب البحرية كإجراء للتخفيف من التغيير المناخى والتكيف، يحمل أيضاً وعوداً كبيرة لأنه سوف يساهم فى الغذاء العالمي، ووقود الأعلاف ومستلزمات الدواء. كما ذكر تقرير الأمم المتحدة للبيئة، أن عدة بلدان أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية واستراليا، أجرت عمليات ترميم موسعة واتخذت تدابير لوقاية النظام الإيكولوجى للكربون الأزرق، وتشمل هذه التدابير وضع سياسات واستراتيجيات الإدارة الساحلية، وتطوير أدوات تستخدم لترميم الأنظمة الإيكولوجية الساحلية والحفاظ عليها، وقد ناقش بول لافيري، أستاذ الإيكولوجيا البحرية فى جامعة إيدث كوان (أستراليا)، بعض هذه الخطط ، مشيراً إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لمجتمع الكربون الأزرق كان جعل الحكومة والقطاع الصناعى يدركان أهمية القروض الخاصة بالكربون الأزرق. وتعتبر أستراليا، التى تضم حوالى 12% من مواطن الكربون الأزرق فى العالم بأكمله، من أكثر البلدان المرشحة للاستفادة من وضع خطط خاصة بالكربون الأزرق. ومن المزمع وضع نظام جديد قيد الاستخدام عالمياً يتضمن وضع بروتوكولات لإضافة خدمات الكربون الساحلى فى أسواق الكربون، ما من شأنه أن يشجع على زيادة استثمار القطاع الخاص فى جهود المحافظة على المواطن الساحلية للنباتات، ومن الممكن تحقيق الأرباح عن طريق المحافظة على هذه الأنظمة الإيكولوجية، التى تمتاز بقدرتها على تخزين الكربون الأزرق أو إمكانية احتجازه، وقد تضاهى أو ربما تتجاوز الأرباح الناتجة عن الأنشطة التى تؤدى إلى تحلل الأنظمة الإيكولوجية وتدميرها كالزراعة والاستنبات المائى والتطوير الساحلي. ويقول خبراء من المبادرة الدولية للكربون الأزرق، قد تبدو أسواق الكربون الطوعية مصدراً للدعم المالى للمحافظة على الأنظمة الإيكولوجية الساحلية وأنشطة ترميمها، مشيرين إلى ضرورة نشر عدد من الآليات فى المستقبل لحماية هذه الأنظمة والكربون الموجود فى نباتاتها وجذورها وتربتها الغنية، مؤكدين أنه ينبغى أن نحشد دعماً محلياً ودولياً للأنظمة الإيكولوجية للكربون الأزرق، فما زلنا متأخرين على صعيد الوعى بأهميتها، علماً أن من شأنها المساعدة على تحقيق أهداف الاستراتيجيات الوطنية على صعيد تخفيض الانبعاثات، ناهيك عن أهميتها فى الطبيعة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;