يبحث قادة الاتحاد الأوروبى، غدًا الخميس، سبلًا جديدة للحد من الهجرة عبر البحر المتوسط، لكنهم لا يزالون منقسمين بشأن طريقة التعامل مع اللاجئين الذين ينجحون فى بلوغ أوروبا.
واقترح رئيس المجلس الأوروبى، دونالد توسك، وضع آلية جديدة للتمويل فى الميزانية التالية للاتحاد التى تغطى عدة أعوام بدءا من 2021 بهدف "وقف الهجرة غير المشروعة"، لتحل محل مناشدات جمع المال لهذا الغرض التى شهدتها دول التكتل منذ الطفرة الكبيرة فى عدد الوافدين فى 2015.
والاتحاد الأوروبى، ملتزم بسياسته الخاصة بتقديم مختلف أنواع المساعدات للحكومات ووكالات الأمم المتحدة فى الشرق الأوسط وأفريقيا بهدف منع مواطنى هذه الدول من القيام بالرحلة الصعبة نحو الشمال، وذلك رغم انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان التى تقول إن هذه السياسة تؤدى إلى تفاقم معاناة اللاجئين والمهاجرين على الساحل الجنوبى للبحر المتوسط.
ورغم أنه ثبتت صعوبة تنفيذ هذه الخطط فى بعض المناطق وخاصة فى ليبيا، فإن كل دول الاتحاد الأوروبى ومؤسساته فى بروكسل متفقة على هذا النهج، وترغب إيطاليا واليونان ودول أخرى مطلة على البحر المتوسط وأيضا دول ثرية بعيدة عن ساحل المتوسط مثل ألمانيا فى التزام كل دول الاتحاد باستقبال حصة محددة من طالبى اللجوء.
لكن عدة دول أوروبية شيوعية سابقا فى الشرق ترفض الحصص الإلزامية وتقول إن قبول استضافة لاجئين مسلمين سيقوض سيادتها وأمنها وتجانس مجتمعاتها، وترغب هذه الدول بدلا من ذلك فى المساعدة بتقديم أموال ومعدات وأفراد للسيطرة على حدود الاتحاد الأوروبى، وتقاضى المفوضية الأوروبية بالفعل بولندا والمجر وجمهورية التشيك لعدم استقبالهم الحصص الخاصة بهم من طالبى اللجوء الذين وصلوا فى أوج أزمة اللاجئين عام 2015.
وتتضارب الحلول المقترحة فى الآونة الأخيرة مما يعنى أن الأمل ضعيف فى التوصل لاتفاق بحلول الموعد المستهدف فى يونيو، وتقترح أستونيا، الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى، الالتزام بخطة الحصص الإلزامية عندما يكون عدد الوافدين كبيرا جدا، مع إضافة شئ من المرونة بسن تشريع يقضى بأن نقل طالبى لجوء بين دول الاتحاد يجب أن يكون بموافقة الدولتين المرسلة والمستقبلة لهم، لكن سرعان ما وأد دبلوماسيون من عدة دول بالاتحاد الأوروبى تلك الفكرة فى المهد قائلين إنها لا تنطوى على مقومات النجاح.
واقترحت المفوضية الأوروبية، وهى الجهة التنفيذية بالتكتل، نقل طالبى اللجوء على أسس إلزامية فى أوقات الهجرة الجماعية، بينما يكون استقبال طالبى اللجوء فى الظروف العادية اختياريا، فيما يرغب البرلمان الأوروبى، فى إعادة التوطين الإلزامى لطالبى اللجوء فى كل الأوقات بغض النظر عن عدد المهاجرين الوافدين.
أما الآن فـ"توسك"، نفسه لا يؤيد الحصص الإلزامية، وقال لقادة الاتحاد الأوروبى فى مذكرة إنه بات مؤكدا أن الفكرة "تبث الفرقة بشدة" وأنها "غير فعالة"، وقال ديميتريس أفراموبولوس، المفوض الأوروبى لشئون الهجرة، فى مؤتمر صحفى، أمس الثلاثاء، إن مذكرة توسك "تقوض أحد ركائز المشروع الأوروبى الرئيسية وهى مبدأ التضامن".
ولا تزال أعداد المهاجرين الوافدين فى الوقت الحالى ضئيلة مقارنة بذروة عامى 2015 و2016، ولكن هذا قد يتغير مع بداية موسم جديد للهجرة، وتقترح ألمانيا منذ وقت طويل تمرير قرار بشأن طالبى اللجوء بأغلبية الأصوات فى حالة عدم التوصل إلى إجماع، وهو ما سيفاقم لا محالة الانقسامات العميقة والارتياب بين الدول الأعضاء.