الخديوى إسماعيل هو مؤسس القاهرة الخديوية، ومع ذلك لا يوجد له تمثال واحد فى أحد ميادينها، ربما للإنصاف نقول إن هناك بعض التماثيل النصفية فى قصر عابدين.
ويبقى تمثاله الموجود الآن فى الإسكندرية، هو التمثال الوحيد الذى صمم لابن ابراهيم باشا، وفى ذكرى رحيله الـ 123، إذ توفى فى 2 مارس عام 1895، نوضح قصة التمثال الموجود الآن فى منطقة كوم الدكة بالإسكندرية.
وظهرت فكرة تصميم تمثال للخديوى الراحل، أثناء زيارة الملك فؤاد، ملك مصر والسودان، لإيطاليا، وهنا اقترحت الجالية الإيطالية بالبلاد، احتفاءً، بزيارة الملك المصرى، بتصميم تمثال لإسماعيل باشا، تخليدا لهذه المناسبة، وللحاكم الذى أعطى لهم أهمية كبيرة واستعان بهم فى العديد من المشروعات العمرانية، وكان قبلته فى أول بلاد المنفى هى مدينة نابولى الإيطالية.
على الفور اجتمع القنصل الإيطالى آنذاك الكونت لاجروسى، بكبير مهندسى القصور الملكية الإيطالية فيروشى باى، لمناقشة رغبة الجالية، بتصميم تمثال للباشا، والذى جمعت من أجله الجالية أكثر من 13 ألف جنيه، وقام الفنان الإيطالى بيترو كانونيكا بصناعته.
تمت صناعة التمثال من البرونز بطول 3 أمتار ونصف وتم صبه بمسبك كانويكا بضواحى روما، وصور النحات الخديوى إسماعيل يقف شامخا، مستندا على مقبض سيفه ويشير بإصبعه.. ويتسم التمثال بالجمود والسلطوية وهى أحد مظاهر الحقبة الفاشية فى إيطاليا، ويتوسط تمثال الخديوى إسماعيل نصب تذكارى مصنوع من الرخام الأبيض، صنع فى محاجر كرارة بإيطاليا، وجاءت قاعدته الرخامية كقطعة فنية كما تزين محيط التمثال بأعمدة ونقوش وتيجان وحلى برونزية فضلا عن الدرج الأمامى للمنصة.
وتم اختيار مكان التمثال بـ"منصة الجندى المجهول بميدان المنشية – حاليا"، لوضع التمثال ودفعت البلدية بالإسكندرية 5400 جنيه مصرى لتزيين المنصة بالأعمدة المزخرفة وتركيب الرصيف والمصابيح وتطوع عدد من المهندسين والبنائين الإيطاليين بالقيام بأعمال البناء والتركيب ووضع التمثال على منصته فى أكتوبر 1935م.
وتمت إزاحة الستار عن التمثال فى 4 ديسمبر 1938، بحضور الملك فاروق، ورئيس الوزراء محمد محمود باشا والأمير محمد على ومحمد حسنين باشا وعلى ماهر باشا وغيرهم من رجال الدولة، كما شارك الاحتفال كافاليرى لويجى فيدريزونى ممثل حكومة ملك إيطاليا، وإمبراطور إثيوبيا، والكونت سيرافينو ماتسولينى الوزير المفوض من الحكومة الإيطالية الملكية فى مصر، وقنصل الحكومة الإيطالية الملكية سيلفيو كامراني.
لكن التمثال ظل فى مكانه حتى عام 1964، بعد إصدار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قرارا بتحويل موقع التمثال، لنصب للجندى المجهول، وتسليم التمثال للقوات البحرية، وإزالة الكتابات الخاصة بالجالية الإيطالية الموجودة بالمكان، وبعدها قرر المحافظ الأسبق للإسكندرية محمد حمدى عاشور، نقل التمثال لحديقة متحف الفنون الجميلة.
الغريب أن التمثال تعرض للتلف فى مكانه السابق ذكره بالمتحف، وهو ما دفع مصلحة سك العملات بالتقدم بطلب لهيئة تنشيط السياحة لصهر التمثال وتحويله إلى عملات معدينة، وهو ما سبب موجة عضب كبرى، من الإيطاليين الذين عرضوا شراء التمثال، وتقدم عدد من نواب البرلمان باستجواب لوزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى لسؤاله عن أوضاع التمثال، والمطالبة بعودة التمثال لمكانه، بعد دراسة تلك الإمكانية مع المجلس الأعلى للثقافة، مع مسئول المعارض آنذاك عصمت داوستاشى، لكن مع استقالة الأخير، توقف مشروع نقل التمثال لمكانه الأصلى.
بعد ذلك التاريخ، تقدم اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق، بمشروع لنقل تمثال الخديوى إسماعيل، مرة أخرى، لمنطقة كوم الدكة خلف المسرح الرومانى لوضع تمثال الخديوى، بعد تجديدها بعمل ساحة عاة وتشجيرها، وهو المكان الحالى والأخير للتمثال.