كتاب "كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد" لـ خزعل الماجدي، والصادر عن المركز الثقافى العربي، يعرض لـ المسارية والهرمسية والغنوصية فى الهصر الهلينستى".
ويرى الكتاب أن المرحلة الهلنستية هى أكثر المراحل أهمية من الناحيتين الدينية والروحية، فى تاريخ البشرية (وهى المرحلة التى تلت وفاة الإسكندر المقدونى وانتهت بقيام الدولة البيزنطية أى ما بين 323 ق.م - 330 م) لأنها المرحلة الحاسمة التى تمَّ فيها التحول الكبير من الأديان المتعددة الآلهة إلى الأديان الموحدة، لكن الأمر لم يحدث بالبساطة التى نتصورها أو من خلال التاريخ الرسمى المعلن الذى نعرفه لهذه المرحلة كما تعلمناأو قرأناه أو فرض علينا.
لقد اكتشفت أن هناك حلقة مفقودة بين أديان التعدد (التى تسمى بقليل من الدقة بالديانات المشركة) وأديان التوحيد شغلتها تيارات دينية غنوصية بشكل خاص، وكان معها تيارات مسارية وهرمسية، هى التى بدأت بالتوحيد الباطنى العرفانى (الغنوصي) السرى على طريقتها فانبثقت من حضورها المؤثر هذا التوحيدية اليهودية ثم المسيحية، وجاء الإسلام فى أعقاب هذا التأثير وفى وقت متأخر نسبياً، ولكنه كان ضمن دائرة التأثيرين المباشر وغير المباشر لها.
إن هذه الحلقة المفقودة التى تجمع المسارية والهرمسية والغنوصية هى البادئة بفكرة التوحيد العرفانى الباطنى الخالى من الوحى، والتى تحملت عناء الاصطدام مع كتلتين كبيرتين: الأولى هى كتلة الماضى الصلد للأديان التعددية (المشركة!)، والثانية هى كتلة الأديان ذات التوحيد الظاهرى الناشئة حديثاً والمؤمنة بالوحى، والتى انتعشت بفضل المناخ الروحانى والفلسفى الذى أشاعته المرحلة الهلنستية. وبعد صراع طويل تمكن التوحيد الباطنى من الانتصار على الأديان المتعددة الآلهة، ولكنه فشل أمام الأديان التوحيدية الظاهرية الجديدة (غير العرفانية) التى أخذت التوحيد وجعلت منه شعاراً مميزاً وجعلته ظاهرياً لا باطنياً وأسبغت عليه صفة الوحى وهيأت له شرائع متزمتة أصبحت، مع الزمن، موجهة لعقائده وفازت بالتوحيد النهائى، ولكنها دمرت كل تلك الجذور الأولى التى بدأها التوحيد العرفانى (الغنوصي) ودمرت كل ما يمت بصلة للتوحيد العرفانى الباطنى الذى تسلقت عليه وظهرت من خلاله.
هذا الكتاب محاولة لمعرفة ما جرى ومعرفة كيفية ظهور التوحيد الباطنى العرفانى الذى سبق التوحيد السماوى أو الإلهى أو الوحى.