فى نوفمبر عام 1690 عندما قاربت الثورة المجيدة ضد جيمس الثانى على تحقيق غاياتها، كان الراهب جون راى، يمسك بقلمه ليخط كتابا راودته فكرته لردح طويل من الزمن. كان راى فى الثالثة والستين من العمر، وكان آنذاك يحظى بشهرة كبيرة ككاتب، وإن لم تكن تلك الشهرة فى مجال اللاهوت، وهو ذلك المجال الذي كرس له حوالى ثلاثين عاما من حياته، لقد أدى تحول غريب فى مسار الأحداث لأن يبتعد ذلك المفكر الكبير من خدمة الرب فى الدير، إلى دراسة التاريخ الطبيعى، ليصبح فيما بعد أحد أعظم علماء البيولوجيا على مر الدهور.
فى كتابه "موت آدم".. أوسع التفاصيل عن نظرية التطور الدروينية وأثرها فى الفكر العالمى الحديث وردود اللاهوتيين عليها" يناقش الباحث جون .س. جرين، أستاذ التاريخ بجامعة أيو الأمريكية، فكرة التطور التى كان لها أثر ضخم فى كل مجالات الحياة الحديثة ،خصوصا فى الغرب منذ ظهوركتاب داروين "أصل الانواع "عام 1859.
وجون كرين بدأت أبحاثه عن العلوم الطبيعة منذ كان عضوًا فى المجمع العلمى لجامعة هارفر، وهى الجامعة نفسها التى نال منها شهادة الدكتوراه، وفى عام 1959 نال كتابه المثير عن "موت آدم "جائز ولاية أيو فى الذكرى المئوية لإنشائها، وقد أضاف المؤلف إلى عنوان الكتاب عنوانا ثانويا هو "وطأة التطور على الفكر الغربى".
يستعرض الكتاب، الذى صدرت ترجمته عن دار البيرونى، وترجمه محمد محمود مصطفى، تاريخ فكرة التطور فى تاريخ الفكر الفلسفى والبحث العلمى منذ نيوتن وحتى اليوم وكيفية نموها وانتشارها فى مقابل ضعف فكرة الخلق اللاهوتية التى مازالت تسيطر حتى الآن على عقول البشر فى أنحاء العالم فى الشرق والغرب، ومن المعروف أن الكتب الدينية والتاريخية تقول إن أبو الجنس البشرى هو آدم إلا أن هذا المفهوم يتراجع فى عقول الأوربيين .